Sunday, April 29, 2007

د. مراد وهبة :الأصولية أصابت مصر بالعقم

مصر مازالت تعيش في كنف الحضارة الفرعونية، التي تتعامل مع الحاكم بوصفه إلهاً».. بهذا التقييم الصادم والصارم بدأ المفكر الدكتور مراد وهبة حديثه مع «المصري اليوم»، وهو حديث اختار هو أن يكون جريئاً في معظم محاوره، فلم يوفر أستاذ الفلسفة المصري المعروف عالمياً، حزباً ولا جماعة دينية أو سياسية من نقده اللاذع، حيث اتهم الجميع بالأصولية،
وحذر من مخاطر الفتنة الطائفية التي يغذيها الجميع: الأحزاب والإخوان المسلمون والتيار القومي والكنيسة والأزهر، والأكثر من ذلك أنه يري أن الجماعات الأصولية التي تقود المقاومة الآن في فلسطين والعراق ولبنان، لن تنجح في شيء، وأن الحكام العرب لم يكونوا جادين أبداً في الحرب مع إسرائيل، ورغم ذلك فهم أيضاً ليسوا جادين في السلام
.. وإلي نص الحوار:

.. كيف تري الوضع السياسي المصري الراهن؟
- مصر تعيش حالة خلل سياسي، لأنه لا يوجد إصلاح حقيقي، ومازلنا نحيا في كنف الحضارة الفرعونية التي تعتبر الحاكم من نسل الإله، والمشهد السياسي قائم علي «المطلق»، وفي الخلفية عششت الثوابت في العقول، ولذلك خطورته علي مستقبل هذا الوطن الذي استوطنت جرثومة الأصولية رحمه فأصبح عقيماً تماماً مثلما أصابت مؤسساته فجعلت منها مجموعة من الجذر المفككة، كل منها تتوهم أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، والشخصية المصرية هي الأخري أصبحت مشحونة بالأصولية حتي النخاع، وما من سبيل في ظل وجود تيار واحد متحكم تمثله الجماعات الأصولية.

.. ماذا عن الحصاد السياسي الذي أفضي إلي تعديل ٣٤ مادة من الدستور، ألا يعد هذا إصلاحاً حقيقياً ومحاولة في طريق القضاء علي سياسة المطلق التي أشرت إليها؟
- الوضع السياسي في مصر بدأ يتغير في اتجاه مخالف لما كان يحدث سابقاً، ابتداء من خطاب الرئيس مبارك في ٢٦ ديسمبر الماضي، والذي طالب فيه بتعديل المادة ٧٦ وإضافة مادة جديدة تضمن أن يكون منصب رئيس الجمهورية بالاقتراع، وما لحقها من تعديلات تعد في تحليلي نقلة من سياسة المطلق إلي التعددية، إلا أن الطريقة التي نوقشت بها المواد التي تم تعديلها جاءت بعيدة عن الهدف الذي جاءت من أجله، فهي لم تتم في إطار علماني وإنما في إطارات أخري يمثلها مبدأ الصراع علي السلطة والنتيجة بقاء الدستور في طور الطفولة كما كان عليه قبل التعديل.
.. هناك من يري في التعديلات -التي تمت- صياغة جديدة لأوراق اللعبة السياسية في مصر، والبعض قال إن ترتيب الأدوار سيكون لصالح العلمانية، إلي أي مدي تعبر هذه الرؤية عن قراءة صحيحة.. خاصة أنك أحد رموز العلمانية؟
- ما تم من تعديل بالفعل كان من الممكن أن يكون بداية لبث روح العلمانية في مصر كتيار، وهو ما يعني تغييراً في أوراق اللعبة السياسية حقيقة، لكن ذلك لم يحدث بدليل أن هناك مواد مضادة للعلمانية مازالت موجودة.

.. هل تعني المادة الثانية من الدستور؟
- نعم، المادة الثانية مضادة للعلمانية، وأنا مع حذفها، خاصة أن الظروف الحالية اختلفت عن تلك التي دعت لوضعها ضمن تعديل دستور ١٩٧١، حيث كانت الرأسمالية والشيوعية تسيطران علي العالم معاً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، واستمر الحال في ظل الحرب الباردة، وكانت أمريكا تريد القضاء علي الشيوعية فاستخدمت من أجل هذا الهدف وسيلتين،
الأولي سلبية حسب ما اعتبرها وزير خارجيتها وهي تقديم المعونات الاقتصادية والعسكرية لدول العالم الثالث، والثانية إيجابية وهي تكتيل جميع الأديان للقضاء علي الشيوعية، وهنا برز الدور السياسي للأديان بأن نشأ مجلس الكنائس العالمي، وتبعه إنشاء المؤتمر الإسلامي، كما تم الزج بالأديان في اللعبة السياسية، وفي هذا الإطار وضعت المادة الثانية
.

.. لكن ماذا عن الحقيقة التي تقول إن هذه المادة جاءت بناء علي استفتاء جماهيري مثبت في مضابط مجلس الشعب، وأن ذلك هو السبب في صعوبة تحقيق المطالبة بحذفها؟
- المادة الثانية -التي وضعت لتجعل من الدين الإسلامي دين الدولة ومن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع- تمت محاصرتها، أولاً بجميع المواد الدستورية التي نصت علي حقوق الإنسان وحماية الأديان، وثانياً بالفقرة التي تمت إضافتها مؤخراً وتحذر من إقامة أحزاب سياسية علي مرجعية دينية، وبالتالي ما الداعي للإبقاء عليها كمادة باتت محاصرة، كما أن السياسة الدولية لم تعد في حاجة إلي تكتيل للأديان، ونحن أصبحنا نعاني من الأصوليات الدينية، لدرجة جعلت من حذفها ضرورة لإصلاح «اللكلكة» التي حدثت في تعديل ٧١ والتي تضمنت تجميع الأديان مع حقوق الإنسان، كله في دستور واحد.

.. وما تقييمك لموقف المعارضة من التعديلات الدستورية والاستفتاء عليها؟
- رفض المعارضة لا يتماشي مع مسار الحضارة الإنسانية التي لابد أن تأخذ في ارتقائها وتطورها بما يسمي التراكمات الكمية بمفهومها الإيجابي، وهو ما رفضته المعارضة متمسكة بمبدأ التراكم السلبي الذي تعودنا عليه في تاريخنا، وأري أن رفض المعارضة نابع من كونها تصورت نفسها «إلهاً» حيث تريد التغيير شاملاً وكاملاً وفي لحظة، وفيما عدا ذلك فهو بالنسبة لها أمر زائف، والمعارضة لم ترفض التعديلات وإنما رفضت التعامل مع الإرهاب وفق ما جاء في هذه التعديلات، واستهدفت من ذلك الحفاظ علي كيانها بوصفها جماعات أصولية منتجة للإرهاب.

.. من تعني بوصفك «جماعات أصولية» إذا كان الرفض جاء من الأحزاب وجماعة الإخوان؟
- أعني كليهما الأحزاب وجماعة الإخوان المحظورة.

.. وكيف لك أن تجزم بأن الأحزاب السياسية وجماعة الإخوان جماعات أصولية منتجة للإرهاب، هل لديك مثال يؤكد ما قلته؟
- حسب ما هو وارد في صميم الأصوليات، هذه الجماعات تسعي إلي أن يعتقد الآخرون فيما تعتقده هي، وقد وجدت في التعديلات ما يهدد وجودها فروجت لفكرة أن التعديلات زائفة، ومؤامرة يقودها النظام ضد الشعب واستكملت موقفها الرافض وفق تفكيرها الأصولي هذا إلي مقاطعة الاستفتاء عليها نهائياً.

.. ألا تري في ذلك قفزاً علي الحقيقة التي تنفي وجود علاقة بين الأحزاب أو الإخوان والإرهاب؟
- أنا لا أهاجم بقدر ما أقدم رؤية أستند فيها علي ما جاء في مجلد الأكاديمية الأمريكية للعلوم والآداب عن الأصوليات في العالم، وأتحدي أن يكون هناك مثقف واحد مصري أو عربي درس ما في هذا المجلد.

.. وهل ورد في هذا المجلد أن الأحزاب السياسية في مصر أو جماعة الإخوان، أصوليات تفرز الإرهاب؟
- ليس بالضبط.. وما جاء فيه هو تعريف للإرهاب بأنه إفراز من الأصوليات الدينية وأن معناه أنك تمتلك في ذهنك الحقيقة المطلقة وتريد من الآخرين أن يعتقدوا فيها، وإذا لم يفعلوا فعليك أولاً تكفيرهم ثم قتلهم، يعني القتل وارد في صميم الأصوليات الدينية كحد أقصي.

.. علي خلفية حديثك عن الخطاب الديني، البعض يري أن سيطرة الخطاب الديني للإخوان جاء في إطار الرؤية التي تقول إنه أصبح الخطاب البديل عن جميع الخطابات الموجودة، فما تعليقك؟
- لا أريد أن أقول الخطاب الديني وإنما الأصولي، ذلك لوجود فارق بين الدين من حيث إنه إيمان، والدين من حيث إنه تحول إلي معتقد لدي الأصوليين ومنهم الإخوان، ولعل أفكار حسن البنا دليل، وقد تحولت إلي معتقد الخروج عنها يعد ليس فقط خروجاً عن الجماعة وإنما عن العقيدة الإسلامية، أما الخطاب الأصولي للإخوان فأنا لا أري أنه البديل للخطابات الأخري والتي هي لم تعد موجودة أصلاً.

.. أين تقع الخطابات الأخري إذاً من خطاب الإخوان؟
- الماركسية انزوت من الساحة، والليبرالية غير متواصلة مع القاعدة الجماهيرية لانشغالها بالسعي نحو السلطة السياسية، أما العلمانية بوصفها صاحبة الخطاب الوحيد القادر علي مناهضة الخطاب الأصولي فهي لم تعد ممثلة في تيار وإنما في أفراد، فضلاً عن أنها ليس لها شعبية تجعل منها تياراً جماهيرياً مثل الإخوان.

.. وما المطلوب في مكون العلمانية كي تصبح تياراً جماهيرياً؟
- سؤالك يعني أننا سنخترع علمانية والمطلوب أن أحدد ملامحها في نقاط.

.. الواقع يقول إن العلمانية غير موجودة علي الخريطة السياسية، لأنها موصومة بالإلحاد، فهل تنكر أن ذلك هو السبب في تراجع دورها وعدم فاعليته؟
- العلمانية ذات التفكير النسبي ضد الأصولية الدينية وليست ضد الدين لتوصم بالإلحاد، وهناك فارق بين الدين والأصولية الدينية والتي هي من صنع البشر وهي التي أهتم بالبحث فيها الآن.

.. إلي أي مدي أنت متوافق مع ما ردده بعض من المحسوبين علي تيار العلمانية أن النظام حاصر العلمانية لصالح التيار الديني والدفع به علي الساحة السياسية؟
- أنا غير متوافق تماماً مع هذه الرؤية، وفي ظني أن ما تم ترديده من قبل بعض المحسوبين علي تيار العلمانية أثناء الانتخابات البرلمانية الماضية، التي شهدت صعود التيارات الأصولية، كان وهماً، ذلك لأن العلمانية لا توجد كتيار ليحاصرها النظام، وما تردد يعكس فقط حالة العجز عن المنافسة.

.. هل نمو الاتجاه الإسلامي والواقع الذي قاد إليه أثبت ضرورة العلمنة أم العكس؟
- بالتأكيد العلمنة ضرورة، والمسألة متوقفة علي الوعي بأن الخطاب العلماني هو المقاوم للتيار الأصولي، وأن المعركة ليست بين المثقفين ممن يمثلون العلمانية والسلطة ولا بين الأحزاب الموجودة، وإنما بين خطاب علماني وخطاب أصولي، وإذا لم يتم الوعي بهذا فالعملية ميؤوس منها.

.. هناك حالة وسط يمثلها انحياز الفكر القومي العربي والمصري كذلك لتبني نهج علماني يغلب عليه الاعتدال.. ما رأيك في هذا التيار؟
- التيار القومي في المنطقة العربية خالٍ من البذور العلمانية، ويتجه نحو التيار الإسلامي، وفي فلسفة الثورة لعبدالناصر نجد هذه المسألة واضحة، فالقومية في المنطقة العربية ذات طابع ديني يمضي في اتجاه إسلامي، وأضرب مثالاً بذلك بقول السنهوري رئيس مجلس الدولة سابقاً: «إنني أغتبط لنشأة الجامعة العربية لأنها في حقيقتها جامعة إسلامية»
فالجامعة العربية هي جامعة قومية، لكنها في نظر السنهوري إسلامية، وفي التيار القومي المتجه نحو النزعة الإسلامية ستجد أنه يريد إحياء النزعة العثمانية، ففي رسالة الدكتوراة للسنهوري باشا قال: «لابد من العودة إلي الدولة العثمانية».. ومثال آخر يعكس استمرار هذا الاتجاه تمثله كتابات المستشار طارق البشري وجميعها تدعو إلي إحياء الدولة العثمانية، حتي الخطاب الأصولي يريد العودة إلي الدولة العثمانية حيث الخلافة
.

.. كيف تري مستقبل جماعة الإخوان في ظل التعديلات الأخيرة؟
- رغم التعديلات الأخيرة التي أغلقت فكرة تحويلها من جماعة محظورة إلي حزب سياسي فإنها مازالت وسوف تظل تيارًا قويا، متحكمًا ومسيطرًا، لأنه لا يوجد تيار آخر مضاد يحد من انتشارها.

.. هل تري أنها تشكل تهديدًا علي المجتمع المدني؟
- بالتأكيد.. وإن كان في لفظ المجتمع المدني شيء من تضليل. فالمدني مأخوذة من مدينة والمقصود بها مدينة أثينا النموذج، والتي يعتمد فيها علي العقل والقانون ويحكمها دستور، لكن المدينة العربية وبالتالي المصرية لا تعتمد لا علي عقل ولا قانون ولا دستور وهو ما يجعل تهديد الأصوليات أكبر وأعمق.

.. هل تمتد خطورة هذا التهديد إلي علاقة المسلمين بالأقباط بما يزيد من حالة الاحتقان الطائفي؟
- الاحتقان الطائفي مازال كامننًا ومعرفة خطورة ما يمثله المد الأصولي، متوقف علي مسار التطور في مصر مستقبلاً، والمسألة معقدة، لدرجة يصعب معها تصور ما سيحدث، فالأمر في حاجة إلي قراءة ما بداخل كل طائفة من الطوائف الموجودة لدي الطرفين: مسلمين وأقباطاً، ولكن هناك خطوطًا عريضة يمكن أن نعتبرها مؤشرًا لما يمكن أن نصل إليه من خطورة ومنها سيطرة الطائفية علي الحياة السياسية، نتيجة لعب الكنيسة والبابا شنودة بالتحديد لدور سياسي، وكذلك المؤسسة الدينية التي يمثلها الأزهر، وهو ما ينذر بكارثة ربما تؤدي إلي تفسخ النسيج الوطني والمطلوب أن تتفهم الأجهزة الأمنية- بوصفها المسؤولة عن ملف الفتنة الطائفية ذلك، كما علي جميع الأطراف أن تتفهم أن استخدام السلطة الدينية خطر سواء كانت هذه السلطة مسيحية أو إسلامية.

.. وهل توجد سيناريوهات أخري؟
- نعم.. أتوقع استمرار حالة التردي في الإبداع نتيجة لسيطرة الأصولية التي رفع أصحابها شعار «ممنوع الإبداع» ويمثلها تراجع الجامعات المصرية عن المنافسة بعدما أصبحت الرسائل العلمية بها مدعمة بمرجعية دينية وهو ما يتنافي مع طبيعة العلم من حيث كونه لا يدعم بمرجعية علمية، فكيف لرجال دين أن يحكموا علي رسالة..
الأمر ينطبق علي جميع المجالات بعد ذلك، والأمثلة عديدة منها علي مستوي الأدب ما حدث مع الدكتورة نوال السعداوي، والأمر كله يمكن تلخيصه في جملة واحدة هي.. «غياب العقل الناقد». بمعني الكشف عن جذور الأوهام التي تعشعش في العقلين العربي والمصري، ومنها علي سبيل المثال ما يسميه المصريون الثوابت، حيث هناك إلحاح دائم عند حدوث أي تغيير، علي جملة «مع المحافظة علي ثوابت الأمة»، ومعني ذلك أن نلغي التغيير، لأن حدوثه مشروط بإحداث خلخلة في هذه الثوابت الموجودة، والعقل الناقد ما هو إلا ممهد للعقل المبدع.. ونقد الوضع القائم هو تمهيد لإبداع وضع قادم، وتدمير العقل الناقد يعني تدمير العقل المبدع وهو ما نجحت فيه الجماعات الأصولية
.

.. تعددت وجهات النظر بين مؤيد ومعارض لتأويل النص الموروث «الديني» فما هي وجهة نظرك في هذه القضية محل الجدل: هل أنت مع التأويل أم لا؟
- هذه قضية خطيرة وصلت إلي حد تكفير الرافضين لمبدأ تأويل النص الديني، وأنا أري في التأويل ضرورة وحاجة لفهم ما هو خلف الألفاظ المستخدمة في هذا النص، كما أن في التأويل تعددية، يقابلها استبعاد إعمال العقل في النص الديني والتركيز علي الإجماع، وهو ما يعني العيش في إطار الأصولية والتي تعني العمل بدون عقل.

.. وما تقييمك للقراءات المقدمة من المفكرين العرب للنص الديني؟
- هناك ثلاث قراءات تحكم المسألة، الأولي: ويمثلها الغزالي الذي دعا إلي التأويل مع وضع مجموعة من الموانع قضت عليه.
والثانية «ابن تيمية» الذي قال عن التأويل «إنه بدعة»، والثالثة، وهي الأقرب لي، يمثلها «ابن رشد»، والذي أجاز التأويل بشرط الحفاظ علي قواعد اللغة العربية وهو في ذلك ترك الفرصة للعقل لأن يعمل دون قيد، فالحفاظ علي قواعد اللغة أمر طبيعي، وإضافة لذلك عرَّف التأويل في جملة مبدعة وهي: «التأويل هو إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلي الدلالة المجازية» أو أنه أعطي الحق للعقل البشري أن يري العقل الباطن، الكائن خلف المعني الظاهر. ومثال ذلك: «الله استوي علي العرش» وتعني حرفيا أن الله جالس علي عرش، لكن عقلاً المقصود بها أنه مهيمن علي الكون كله.
أما بشأن القراءات الحديثة فأنا ممتن لقراءة قدمها مفتي الديار المصرية فضيلة الشيخ علي جمعة ونشرت في الأهرام علي أربع حلقات عن العلاقة بين المطلق والنسبي في القرآن. وذلك لأنني ألفت كتابًا في ١٩٦٨ عن نفس الموضوع بمنطق فلسفي، والمفتي تناولها في إطار ديني
.

.. في سياق موقفك من الجماعات الأصولية، كيف تتعامل مع حقيقة أن هذه الجماعات هي التي تقود «المقاومة» الآن في العراق وفلسطين ولبنان؟
- المقاومة مشروعة، إلا إذا اختلطت بالأصولية الدينية، وأنا أري أنها كذلك، فجميع المنظمات التي تحمل مسؤولية المقاومة مثل الجهاد وحماس وحتي فتح وغيرها، هي في الأصل جماعات أصولية وكان لذلك آثاره علي وضع القضية الفلسطينية علي سبيل المثال، والتي لم تثمر عن أي تقدم فيها نتيجة للانقسامات والصراعات الداخلية التي أثرت بالسلب علي القضية.
وليس هذا معناه أنني أرفض المقاومة ولكنني أريد من المنظمات المعنية بالمقاومة أن تراجع فكرها، والسؤال الذي يجب أن تطرحه علي نفسها في ذلك هو: ماذا فعلت حتي الآن، وما جدواها إذا كانت القضية الفلسطينية تزداد تعقيدًا
.

.. البعض يري أن التفوق الإسرائيلي هو أهم أسباب تخاذل العرب عن المواجهة الحقيقية؟
- الحروب التي حدثت منذ ١٩٤٨ تؤكد أن الحكام العرب لم يتخذوا خطوة لمواجهة العدوان الإسرائيلي، والسؤال الحقيقي هل نريد سلاحًا أم لا؟ ذلك لأنه يوجد تناقض يمثله الرغبة في السلام مع رفض التطبيع، فإذا كان خيار السلام مشروطًا بالتطبيع، ونحن رفضناه، فهذا يعني أننا نريد الحرب.

.. أليس هناك بديل لخيار السلام أو التطبيع؟
- المسار التاريخي يقول إن الحالة تزداد تدهورًا، ولن تؤدي إلي ثورة بالمعني الحضاري، ذلك لأنه لا توجد مقومات لها، وإن كان ذلك لا يعني عدم حاجتنا لها، وشرط إقامتها هو تغير المجتمع جذريا.

.. ماذا عن أولوياتك كواحد من مواطني هذا البلد؟
- أنا منشغل بالديمقراطية فهي الأولوية الأولي بالنسبة لي، لأنها أولوية المجتمع، وهي اختيار ليس ذاتيا بقدر ما هو اختيار موضوعي، فالكل منشغل بكيفية إحداث تحول ديمقراطي، وكنت قد وضعت أربعة مبادئ لتحقيق هذه الديمقراطية وهي: العلمانية والتنوير والليبرالية والعقد الاجتماعي.

.. وهل المواطن المصري مستعد لإقامة مثل هذا ا لعقد الآن بوصفه أحد طرفيه؟
- للأسف لا.. والمواطن المصري متخلف وهو ليس بريء من مسؤولية تخلفه، لأنه ليس طفلاً، ونضرب مثالاً لمسؤولية الانفجار السكاني، فلدينا فقراء يتناسلون بأعداد كبيرة، ماذا يعني ذلك غير أن التخلف يسري في جسد هذا الشعب والفقر كذلك
حوار عزة مسعود ٢٩/٤/٢٠٠٧
المصرى اليوم

No comments: