Thursday, May 26, 2011

إيران ومحنة المثقف العربى

بقلم عماد سيد أحمد ٢٦/ ٥/ ٢٠١١

«أتيح لى أن أقوم بزيارة سريعة إلى طهران بصحبة الأستاذ فهمى هويدى، تلبيةً لدعوة تلقيناها من معهد الدراسات الدولية هناك، للمشاركة فى ندوة بعنوان (الثورات العربية وانعكاساتها على القضية الفلسطينية)، التى نظمها المعهد التابع لوزارة الخارجية الإيرانية فى ذكرى (النكبة). وعقدنا لقاءات خاصة مع على لاريجانى، رئيس مجلس الشورى، وآخر مع سعيد جاليلى، مستشار الأمن القومى، وثالثاً مع السيد على أكبر صالحى وزير الخارجية، ورابعاً مع السيد رضا شيبانى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط»..

هذا ليس كلامى، ولكن نص ما ذكر أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسن نافعة، حيث زار هو والكاتب المعروف فهمى هويدى العاصمة الإيرانية خلال الأيام الماضية. وهما من المثقفين المصريين المؤثرين. سواء اتفقت معهما أو اختلفت. وحسب فهمى (فهمى أنا وليس فهمى هويدى) وتقديرى، فهما من أنصار الديمقراطية، وهما من الذين نادوا بالثورة المصرية، ومن المؤمنين بحرية الشعوب.. المفترض ذلك.

ومن هذا المنطلق أجدنى غير قادر على استيعاب مقابلاتهما مع كبار المسؤولين الإيرانيين، ولقاءاتهما مع من يعدون من أركان النظام السياسى القمعى فى طهران، التى انطلقت فيها الثورة قبل تونس وقبل مصر بشهور عديدة، لكنها أخفقت لأن النظام الإيرانى قمعها بشدة وواجه حركات الشباب الإيرانى بالحديد والنار، وقابل الاحتجاجات التى عمت البلاد، آنذاك، بطرق وحشية وبلا رحمة أو هوادة.

كنت أفهم لو أن نافعة وهويدى قابلا عددا من المثقفين الإيرانيين الذين يتعرضون للسجن والملاحقة من قبل الحرس الثورى الإيرانى، الذى هو أشرس وأعنف من السافاجك فى عهد الشاه. وإذا مددنا الخط على استقامته، طبقا للقناعات التى ينطلق منها الرجلان، فمن المفترض أن النظام الإيرانى عدو لكل من يؤمن بالديمقراطية وبحق الشعوب فى العيش الكريم، لأنه نظام قمعى متخلف يقع فى أسوأ خانة وهى الديكتاتورية الدينية.

ليس هذا فحسب، بل إن طهران أظهرت انتهازية شديدة عندما تريد تفصيل الثورات العربية على مقاسها، فترحب بالثورة فى تونس وتصفق لها فى مصر وتنتقدها فى سوريا، وتدفع بها وتدعمها إذا ظهر لها لسان فى البحرين.

وأرجو من الأستاذين هويدى ونافعة أن يشرحا لنا ما قاله السفير الإيرانى فى لبنان: «لا ثورة شعبية فى سوريا ولا إثبات على ذلك كى تقف إيران وتدعمها على غرار ما فعلت فى تونس ومصر». وهل هناك رئيس دولة يقول كلاما مبهما وغامضا ويتحدث بكلام غير مفهوم عندما يسأل عن الثورة السورية غير أحمدى نجاد، الذى لا أرى فرقا بينه وبين القذافى إلا كونه جورباً مقلوباً؟!.. لا أحد يفهم كيف لا يرى الرجلان الحقيقة الساطعة كالشمس، وهى أننا أمام نظام بلغ درجة من القسوة جعلته يقرر إعدام بعض المشاركين فى المظاهرات المناهضة له، حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر، أملا فى وقف الاحتجاجات التى انطلقت شرارتها الأولى فى المنطقة كلها هناك،وحصدنا نحن ثمارها فى تونس والقاهرة. والسؤال: ما الذى يمكن أن يطلبه مثقف عربى من نظام قمعى، تعيش بلاده ربيع الحرية؟ ولماذا نفتش عن حسين سالم فى تل أبيب ولا نفتش عن أنصار الديكتاتورية فى القاهرة؟ أيهما أجدى وأهم؟!

صحيح أن هناك كثيرين فى عالمينا العربى والإسلامى يبررون ديكتاتورية طهران بتحديها بجرأة للغرب والولايات المتحدة، لكن لا شىء يبرر الظلم والتعسف ومعاندة المواطنين. فما فائدة كل هذا، إذا كان الذل والهوان والمعتقلات فى انتظار من تسول له نفسه المجاهرة بالاعتراض.. وكيف يسوغ نظام موصوف بالإسلامى تعذيب المعتقلين بوسائل غير آدمية؟!

لا أرى زيارة هويدى ونافعة أبعد من كونها جزءاً أساسياً من محنة المثقف العربى الذى يقع ضحية لفكرة المؤامرة وللتناقض والازدواجية، ولغيرها من المشاكل التى نعانيها منذ الستينيات، فالنظام الإيرانى لم يكن لديه شىء ليقدمه لأحد، بل هو فى حاجة لمن يقدم له أى شىء، إلا إذا كان الأستاذ هويدى يسعى للحصول على توكيل الدولة الدينية من طهران

المصرى اليوم


No comments: