مليارات الدولارات سنويا من واردات الدولة في جيب لقذافي وأولاده التسعة
هناك "فجوة" من عدة مليارات من الدولارات تظهر سنويا بين عائدات ليبيا من النفط وبين الانفاق الحكومي. هذه الفجوة هي الرافد الرئيسي لثروة الرئيس الليبي معمر القذافي وأولاده التسعة من ثروات بلاده النفطية.
هذا ما تقوله صحيفة الجارديان نقلا عن تيم نيبلوك أستاذ الدراسات الشرق الأوسط في جامعة إكستر البريطانية.
الباحث يؤكد على صعوبة تحديد ثروة أسرة القذافي بشكل دقيق، وإن كان يتوقع أن تكون الأسرة قد أودعت مليارات الدولارات في صناديق مخبأة في حسابات سرية في دبي أو جنوب شرقي آسيا والخليج.
يشير الباحث أيضا إلى أن الأسرة قد انفقت مبالغ ضخمة على مدى السنين لدعم حكومات إفريقية عديدة، حيث يعتقد أن رئيس زيمبابوي روبرت موجابي هو من بين أكبر المتلقين لهذه الأموال.
صحيفة الفاينانشيال تايمز هي الأخرى تؤكد صعوبة تحديد ثروة القذافي بدقة، لأن "الطريقة التي أدار بها القذافي البلاد تثير تساؤلات عما إذا كان هناك فصل كامل وفعلي بين ثروة الأسرة واستثمارات الحكومة العديدة والضخمة".
غير أن الصحيفة تشير إلى وثائق سربها موقع ويكيليكس عن ثروة القذافي والتي "ترسم صورة لبلاد تدار كإقطاعية من قبل القذافي وأولاده التسعة".
إحدى الوثائق برقية أرسلها دبلوماسي أمريكي يقول فيها إنه "بينما يتحدث العقيد كثيرا ضد الفساد في الحكم ـ فإنه يمكّن النخبة السياسية حوله ـ وبشكل خاص أسرته ـ من عقد صفقات تجارية مجزية".
ويضيف الدبلوماسي أن للأسرة "مصالح كثيرة في قطاعي النفط والغاز والاتصالات وتنمية البنية التحتية والفنادق وتوزيع إنتاج الوسائل الإعلامية وتوزيع البضائع الاستهلاكية".
ويستطرد "كما أن الأبناء ـ وفقا لتقارير ـ يحصلون على منابع أموال من شركة النفط الوطنية والمؤسسات التابعة لها والذي يعطيهم حصة في الصناعة التي تهيمن على الاقتصاد وتولد عائدات تصدير بمقدار عشرات المليارات من الدولارات سنويا".
وتعدد الوثيقة استثمارات بعض الأولاد فتقول إن "إن سيف الإسلام ـ الابن الثاني والوريث على ما يبدو للقذافي ـ بإمكانه الوصول إلى الخدمات النفطية من خلال شركته "مجموعة الفاتح من سبتمبر".
"ولعائشة ابنة القذافي صلة قوية بقطاعي الطاقة والإعمار إضافة إلى عيادات سانت جيمس الخاصة في طرابلس".
"كما أن محمد أكبر أبناء القذافي يسيطر على لجنة البريد والاتصالات العامة وبالتالي فله نفوذ كبير في مجال خدمات الهاتف والانترنت".
أما الساعدي ثالث أبناء القذافي فهو يخطط لبناء "مدينة جديدة غربي ليبيا تكون مشروعا تنمويا سياحيا ضخما، كما أن لاعب كرة القدم سابقا ـ كما يقول الدبلوماسي ـ منشغل بنشاطات كثيرة في فرق الكرة واللجنة الأولمبية وبحياته العسكرية".
وتشير البرقية كما تقول الفاينانشيال تايمز إلى أن سيطرة عائلة القذافي على اقتصاد ليبيا متجذرة إلى حد أن أفرادها يحاربون بعضهم بعضا في تنافسهم لاغتنام هذه الفرص المربحة".
وفي مثل له دلالة يصف الدبلوماسي ما يروى عن "معركة ثلاثية بين أبناء القذافي الثلاثة الساعدي والمعتصم ومحمد حول توكيل كوكا كولاـ تلك المعركة التي أعيت مجموعة الدبلوماسيين ورجال الأعمال في طرابلس في محاولتهم تحديد المصالح المتضاربة فيها".
الجارديان ترى أنه إذا ما تمت الإطاحة بحكم القذافي فإن صناديق الاستثمارات الحكومية قد لا تتأثر، لأن أي حكومة جديدة سيكون أمامها أمور أشد إلحاحا للاهتمام بها، وإن أي تحريك لهذه الاستثمارات قد يؤثر على سمعتها في المستقبل.
بريطانيا والولايات المتحدة أججتا عدم الاستقرار في الشرق الأوسط بدعمهما أنظمة فردية انتهكت حقوق الإنسان".
اعتراف لرئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون في خطاب ألقاه في الكويت التي يزورها ضمن جولته في المنطقة في محاولة لترويج صناعات الأسلحة البريطانية، جولة بدأها بزيارة لمصر لم تكن مدرجة أصلا لولا نجاج ثورتها.
وتحت عنوان "الشرق الأوسط: دافيد كاميرون قال أمام أعضاء مجلس الأمة إن الغرب كان مخطئا حين دعم طغاة"، قالت الصحيفة إن رئيس الوزراء البريطاني قال إن الانتفاضات الشعبية في الشرق الأوسط تظهر أن الغرب كان على خطأ حين دعم أنظمة ديكتاتورية وغير ديمقراطية.
وتقول الصحيفة إن كاميرون أشار في خطابه إلى نظرة الغرب التقليدية للشعوب العربية بأنها غير مهيأة اجتماعيا للديمقراطية قائلا إن هذه "تكاد تكون تمييزا عنصريا"، ففكرة أن هناك "استثناء عربيا" فكرة خاطئة ومهينة.
"وإن السياسة الخارجية لبريطانيا قد آثرت المصالح الاقتصادية الذاتية على الترويج للقيم الديمقراطية الغربية. إلا أن الأحداث الأخيرة قد أكدت أن حرمان الناس من حقوقهم الأساسية لا يحفظ الاستقرار بل في الحقيقة يفعل العكس، وإن مصالح بريطانيا الأمنية والاقتصادية تتعزز في النهاية بوجود شرق أوسط أكثر ديمقراطية.
غير أن هذه الرؤية الجديدة لم تحظ بمصداقية لدى عديدين ومنهم سيمون جنكينز الكاتب في الجارديان.
وتحت عنوان "إما أن تدفع بريطانيا من أجل الديمقراطية أو الأسلحة، لكن ليس الإثنين معا" قال جنكينز إن جولة تسويق الأسلحة التي يقوم بها دافيد كاميرون قد ورطته في نفاق تقليدي حول انتهاج سياسة التدخل لنشر الليبرالية، "فلندع العرب يرتبون أمور بيتهم بأنفسهم".
ويوضح جنكينز رأيه بالقول "إن الحكومة البريطانية ـ كسابقتها ـ تزعم أنها تتبع سياسة "التدخل لنشر الليبرالية" في مسعى لإسقاط الأنظمة غير الديمقراطية حول العالم وخاصة في العالم الإسلامي. هذه الحكومة ـ كسابقتها ثانية ـ ترسل إلى هذه الأنظمة غير الديمقراطية كميات وافرة من الأسلحة لإحباط السبل الوحيدة المتاحة لإسقاط هذه النظم، وهي الهبات الشعبية.والتناقض هنا ساطع يكاد يعمي العيون".
ويشير الكاتب إلى وجود 50 شركة بريطانية لتصنيع للسلاح في المعرض الليبي للأسلحة العام الماضي، وكيف أن تلك الأسلحة تظهر بوضوح في قتل المتظاهرين هذا الأسبوع، مع إصرار بريطانيا على النص في عقود بيع الأسلحة على عدم استخدامها فيما ينتهك حقوق الإنسان، "فماذا كانت وزارة الخارجية تعتقد أن القذافي سيفعل ببنادق القنص والقنابل المسيلة للدموع؟"
ثم يستطرد ليعرض الطريقة التي يتعامل بها الغرب مع الثورات التي تهب في العالم العربي، فيقول إن تعبيرات مثل "ما نريد أن نراه" أو "ما لا يجوز ان يفعلوه" تتردد على لسان كل رجل دولة في واشنطن ولندن. ثم ينبه إلى أن اليقين الوحيد حول الأحداث التي تجتاح العالم العربي هي أنها بقيادة عرب وعرب فقط، وإنه لا أحد يعرف كيف ستنتهي "لكن الأمر الوحيد الواعد فيما يسمى ربيع العرب هوأنا قامت بقيادة ذاتية ومهما كانت فرص نجاحها فستكون أقوى لأنها صنعت في الداخل".
ويعرض جنكنز لمواقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما المعروفة منذ توليه الحكم إزاء العالم العربي والإسلامي، ويقول إن ميل أوباما الغريزي ـ المحق ـ عند هبوب هذه الثورات كان لترك الشعوب تتلمس بنفسها طريقها الطويل لتحقيق الذات، إلى أن انتهى بوضع ضغوط على مبارك ليرحل عن الحكم".
ثم يقول إن المحافظين الجدد ودعاة التدخل لنشر الليبرالية على حد سواء يحرضون أوباما الآن على أن تلعب الولايات المتحدة دورا أكبر في التحول السياسي في العالم العربي، وهذا بالأساس لصالح إسرائيل.
ويختم الكاتب مقاله بالقول "لو أردنا عرقلة طريق العرب هذا بتسليح طغاتهم فلنفعل. لكن لا يجوز أن ندعي انتهاج سياسة التدخل لنشر الليبرالية. وإذا ما زعمنا الليبرالية فلا يجوز أن نبيع الأسلحة. إن التدخل في شؤون الغير قليلا ما يكون أمرا حكيما، أما التدخل بوجهين فهو نفاق بحت
BBC
No comments:
Post a Comment