خطأ البابا القاتل
كان الإخوان المسلمون مطالبين فى المرحلة المقبلة بأن يقدموا خطابا سياسيا مختلفا وجديدا يطمئن المختلفين معهم سياسيا، فإن الكنيسة المصرية وعلى رأسها البابا شنودة مطالبة بنفس الأمر وربما بما هو أكثر.
الإخوان كانوا أكثر ذكاء سياسيا وشاركوا فى الثورة منذ بدايتها ــ باعتبار أنه ليس لديهم ما يخسرونه ــ خصوصا بعد فضيحة تزوير الانتخابات البرلمانية.
لكن الكاتدرائية المرقسية ارتكبت واحدا من أسوأ أخطائها الاستراتيجية، كان مطلوبا من الكنيسة أن تشجع الشباب القبطى على المشاركة فى هذه الثورة الشبابية المتجاوزة للشعارات والتقسيمات الطائفية، لكنها لم تفعل. بل ورأينا البابا وبعض قادة الكنيسة يخرجون للإساءة إلى هذه الثورة، ويلقون بكل «بيضهم» فى سلة حسنى مبارك التى تبين أنها «مخرومة وفاسدة».
تصور البابا وبعض قادة الكنيسة أن ثورة الشباب «مجرد لعب عيال» وسينتهى الأمر ولذلك رأينا التصريحات المستفزة، ومن حسن حظ الأقباط والجماعة الوطنية أن هناك رموزا مسيحية خالفت موقف البابا مثل الأنبا موسى وأيد الثورة منذ بدايتها، إضافة إلى خروج مجموعات من الشباب القبطى إلى ميدان التحرير، الأمر الذى غطى على هذا الموقف الرسمى «المتخاذل».
انتهى الأمر بانتصار الثورة، والأهم شيوع المبادئ التى رفعتها وتتمثل فى المطالبة بدولة مدنية لكل مواطنيها.. وهو المطلب الذى نادى به المسيحيون لسنوات طويلة، وعندما جاءتهم الفرصة، ارتكب البابا الخطأ الأكبر.
كل ذلك صار من الماضى، لكن السؤال هو: هل يؤثر هذا الماضى على خريطة توزيع الأدوار ــ وربما المغانم ــ فى المستقبل؟
السؤال بصورة أخرى هو: هل سيحصد الإخوان موقعا سياسيا أفضل مقارنة بدور الكنيسة التى تحركت متأخرة جدا مثلما فعل حسنى مبارك فى كل مواقفه خلال الأزمة؟.
من حسن الحظ أن القوى الفاعلة فى الثورة تعتبر قضية الدولة المدنية ومسألة المواطنة مسألة مبدأ، كما أن الجيش المصرى هو أفضل تعبير عن مدنية هذه الدولة، فهو يضم المسلم والمسيحى معا، ودماء الاثنين روت أرض مصر دفاعا عنها أمام العدو الإسرائيلى.
لكن الدرس الأبرز الذى ينبغى على البابا شنودة أن يتعلمه مما حدث هو أن يعلن طلاقا بائنا مع السلطة الحاكمة، مهما كان اسمها. عليه أن يراهن على الشارع حتى لو دفع ثمنا غاليا.
عليه أن ينسى الزمن الذى كان فيه يرهن الأقباط لدى الحاكم باعتبارهم «كارتاً» يلاعب به الآخرين.
لا ضمان للمسيحيين وحقوقهم فى هذا الوطن إلا فى ظل دولة مدنية ديمقراطية، وغير ذلك فهو مسكنات. تخيلوا لو أن البابا ومساعديه أعلنوا مساندتهم للثورة منذ يومها الأول؟
مرة أخرى لننس الماضى، ونحيى الشباب القبطى الذى خرج مع إخوانه المسلمين ليؤكد أن كل ما قيل عن انعزاله ورغبته فى الهجرة وطائفيته هو محض تخاريف وأكاذيب.
يا أيها البابا.. انس الطائفية.. مصر تغيرت فعلا.. تعامل مع المسيحيين باعتبارهم مواطنين مصريين وليسوا ابناء طائفة دينية قليلة العدد تلاعب بهم السلطة كلما اختلفت معها.
حاول أن تعتذر عما فعلت.. ولتنظر إلى الأمام.
الإخوان كانوا أكثر ذكاء سياسيا وشاركوا فى الثورة منذ بدايتها ــ باعتبار أنه ليس لديهم ما يخسرونه ــ خصوصا بعد فضيحة تزوير الانتخابات البرلمانية.
لكن الكاتدرائية المرقسية ارتكبت واحدا من أسوأ أخطائها الاستراتيجية، كان مطلوبا من الكنيسة أن تشجع الشباب القبطى على المشاركة فى هذه الثورة الشبابية المتجاوزة للشعارات والتقسيمات الطائفية، لكنها لم تفعل. بل ورأينا البابا وبعض قادة الكنيسة يخرجون للإساءة إلى هذه الثورة، ويلقون بكل «بيضهم» فى سلة حسنى مبارك التى تبين أنها «مخرومة وفاسدة».
تصور البابا وبعض قادة الكنيسة أن ثورة الشباب «مجرد لعب عيال» وسينتهى الأمر ولذلك رأينا التصريحات المستفزة، ومن حسن حظ الأقباط والجماعة الوطنية أن هناك رموزا مسيحية خالفت موقف البابا مثل الأنبا موسى وأيد الثورة منذ بدايتها، إضافة إلى خروج مجموعات من الشباب القبطى إلى ميدان التحرير، الأمر الذى غطى على هذا الموقف الرسمى «المتخاذل».
انتهى الأمر بانتصار الثورة، والأهم شيوع المبادئ التى رفعتها وتتمثل فى المطالبة بدولة مدنية لكل مواطنيها.. وهو المطلب الذى نادى به المسيحيون لسنوات طويلة، وعندما جاءتهم الفرصة، ارتكب البابا الخطأ الأكبر.
كل ذلك صار من الماضى، لكن السؤال هو: هل يؤثر هذا الماضى على خريطة توزيع الأدوار ــ وربما المغانم ــ فى المستقبل؟
السؤال بصورة أخرى هو: هل سيحصد الإخوان موقعا سياسيا أفضل مقارنة بدور الكنيسة التى تحركت متأخرة جدا مثلما فعل حسنى مبارك فى كل مواقفه خلال الأزمة؟.
من حسن الحظ أن القوى الفاعلة فى الثورة تعتبر قضية الدولة المدنية ومسألة المواطنة مسألة مبدأ، كما أن الجيش المصرى هو أفضل تعبير عن مدنية هذه الدولة، فهو يضم المسلم والمسيحى معا، ودماء الاثنين روت أرض مصر دفاعا عنها أمام العدو الإسرائيلى.
لكن الدرس الأبرز الذى ينبغى على البابا شنودة أن يتعلمه مما حدث هو أن يعلن طلاقا بائنا مع السلطة الحاكمة، مهما كان اسمها. عليه أن يراهن على الشارع حتى لو دفع ثمنا غاليا.
عليه أن ينسى الزمن الذى كان فيه يرهن الأقباط لدى الحاكم باعتبارهم «كارتاً» يلاعب به الآخرين.
لا ضمان للمسيحيين وحقوقهم فى هذا الوطن إلا فى ظل دولة مدنية ديمقراطية، وغير ذلك فهو مسكنات. تخيلوا لو أن البابا ومساعديه أعلنوا مساندتهم للثورة منذ يومها الأول؟
مرة أخرى لننس الماضى، ونحيى الشباب القبطى الذى خرج مع إخوانه المسلمين ليؤكد أن كل ما قيل عن انعزاله ورغبته فى الهجرة وطائفيته هو محض تخاريف وأكاذيب.
يا أيها البابا.. انس الطائفية.. مصر تغيرت فعلا.. تعامل مع المسيحيين باعتبارهم مواطنين مصريين وليسوا ابناء طائفة دينية قليلة العدد تلاعب بهم السلطة كلما اختلفت معها.
حاول أن تعتذر عما فعلت.. ولتنظر إلى الأمام.
بقلم:عماد الدين حسين - الشروق
No comments:
Post a Comment