أثار الحادث الأليم الذى فجعت به الاسكندرية ليل أمس الأول، إثر تفجير انتحارى نفسه أمام كنيسة القديسين الكائنة فى منطقة سيدى بشر شرق الاسكندرية، والذى راح ضحيته ٢١ قتيلا و٧٩ مصابا،غضب ملايين المواطنين. وبينما تقيم كنائس الإسكندرية «قُداسات الغضب» للصلاة من أجل الضحايا، حذرت قيادات قبطية من «عراق جديد» فى مصر، قرر البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إلغاء احتفالات أعياد الميلاد المقرر لها يوم ٧ يناير رغم طباعة الدعوات الخاصة بكبار المسؤولين والأقباط، وأشار مصدر كنسى إلى أن البابا ربما يزور المصابين وأسر الضحايا فى الحادث.
وفى أول رد فعل أصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بياناً من مجمع كهنة الإسكندرية والمجلس الملى السكندرى، استنكرت فيه «الحادث المؤسف الذين يهدد وطننا وأمن وأمان مواطنيه»، معتبرا أن ما حدث يشكل «تصعيداً خطيراً للأحداث الطائفية الموجهة ضد الأقباط»، وذكـّر البيان بما حدث فى نفس الكنيسة منذ ٤ سنوات، وأسفر عن قتيل وعدة إصابات، مضيفا: «وقد قرر مجلس الشعب وقتها تشكيل لجنة تقصى حقائق فى هذا الحادث ولكنها لم تزر الكنيسة حتى الآن».
وأرجع البيان الحادث إلى «الشحن الطائفى والافتراءات الكاذبة التى صدرت ضد الكنيسة ورموزها فى مدينة الإسكندرية خلال الفترة الماضية»، مشيراً الى ما كان يحدث عقب صلاة الجمعة من مظاهرات ضد البابا شنودة ورموز الكنيسة.
وشدد البيان على أنه «البيان الرسمى الوحيد الصادر عن مجلس كهنة الإسكندرية، والمجلس الملى من واقع الأحداث»، منوها بـ«إننا نضم أصواتنا إلى أصوات شهدائنا الذين تصرخ أصواتهم من الأرض إلى الله طالبة العدل الإلهى».
من جهة أخرى، شددت قوات الأمن رقابتها على الكنائس المصرية فى المدن الساحلية وشرم الشيخ، وباقى كنائس الإسكندرية، بالإضافة لتشديد الحراسة على كنائس الصعيد خاصة مدينة نجع حمادى، التى شهدت قتل ٧ فى أعياد الميلاد العام الماضى.
وتظاهر عشرات الأقباط امام كنيسة القديسين مارى مرقس والقديس بطرس، بالإسكندرية، مرددين هتافات: «حسنى مبارك يا طيار.. قلب القبطى مولع نار»، «حسنى مبارك يا رئيس.. دم القبطى مش رخيص»، «بالروح بالدم نفيدك يا صليب»، وتشابك المتظاهرون مع الأمن، ونجع الأنبا يوأنس، الاسقف العام، سكرتير البابا شنودة، فى احتواء غضب الشباب القبطى، وطلب من الكهنة إدخالهم داخل الكنيسة.
من جهة أخرى، أصدر مركز الكلمة لحقوق الإنسان بالإسكندرية بياناً ندد فيه بالأحداث الأخيرة، وأشار إلى أن الجريمة إرهاب موجه إلى كل المصريين، وأكد جوزيف ملاك، مدير المركز بالإسكندرية، أنه على الرغم من تهديدات القاعدة باستهداف الكنائس المصرية وتجديدها مرة اخرى منذ أيام، إلا أن الأمن تقاعس فى حماية الكنائس المصرية.
وقال الدكتور كميل صديق، سكرتير المجلس القبطى الملى فى كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس، إن الحادث استهدف جميع طوائف الشعب المصرى وليس الأقباط بعينهم.
وحذر صديق من حدوث «عراق جديد» فى مصر بسبب تنظيم «القاعدة»، مطالبا بسرعة التدخل من أجل تحقيق الأمن والأمان وتشديد الإجراءات الأمنية على الكنائس ودور العبادة المسيحية.
وقال محب شفيق، مسؤول العلاقات العامة فى المجلس الملى بالإسكندرية، إن الشعب القبطى مستاء وغاضب من الحادث، مشيراً إلى أن الغضب القبطى ليس تجاه شخص معين وانما تجاه الحادث فقط.
وأدان الكاهن يوحنا جورج، مساعد وكيل كاتدرائية الأقباط الكاثوليك، كاهن كنيسة القيامة للأقباط الكاثوليك فى الإسكندرية، الحادث «بكل الأشكال»، مشيرا إلى أن الكنائس القبطية فى الإسكندرية ستقيم قداسات الغضب للصلاة من أجل الضحايا والمصابين وحفظ مصر من «الخيانة والغدر».
وقال القس راضى عطا الله إسكندر، رئيس مجمع الدلتا الكنسى، راعى كنيسة العطارين الإنجيلية، إن الحادث للأسف الشديد أكد التهديدات التى أطلقها التنظيم الموالى للقاعدة فى العراق، محذرا من نجاح منفذى الحادث فى الوصول إلى أهدافهم من ضرب الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط فى مصر «على الرغم من أنه لا فرق بين مسلم ومسيحى فى مصر على الإطلاق».
وعقد مجمع الكهنة فى كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية برئاسة القمص رويس مرقص، وكيل البابا، بالاشتراك مع أعضاء المجلس القبطى الملى، اجتماعا طارئا لرصد تداعيات الحادث، ورفع تقرير شامل إلى البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، بناء على طلبه شخصيا لتقييم الأمر.
وقال الدكتور كميل صديق، سكرتير المجلس القبطى الملى، إن البابا شنودة أناب كلا من الأنبا يوأنس والأنبا باخيميوس لتشييع الجثامين إلى مثواهم الأخير، والعمل على تهدئة الأجواء وإزالة الاحتقان والتوتر بين المسيحيين. وصرح القس مقار فوزى، راعى كنيسة القديسين، التى شهدت الحادث، أنه يحاول جاهدا السيطرة على الحشد الغاضب من الشباب المسيحى ومنعهم من قذف رجال الشرطة التى تقوم بإجراءات تأمينية للسيطرة على الأمور وإحكام الموقف، حيث انتشرت بكثافة فى المكان وأغلقت الطرق المؤدية إلى الكنيسة.
وأشار إلى وجود مصابين آخرين بخلاف من تم نقلهم إلى المستشفيات، لكن لم يتم تحديد إجمالى أعدادهم حتى الآن.
فى سياق متصل، يلتقى القس الدكتور راضى عطا الله إسكندر، رئيس مجمع الدلتا الكنسى، راعى الكنيسة الإنجيلية فى العطارين، وفدا من قساوسة الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية فى المحافظة لزيارة المصابين فى المستشفيات والأخذ بعزائمهم فضلا عن تهدئة الأجواء بين الطرفين، مسلمين وأقباطاً، والقضاء على أى بوادر لخلق فتنة طائفية.
وفى بنى سويف منعت كنائس المحافظة دخول سيارات المترددين عليها، وطالبتهم بتركها خارج أسوار الكنائس أو فى أماكن الانتظار القريبة منها، وبررت الكنيسة تلك الإجراءات بأنها تعليمات أمنية، تحسبا لاستخدام تلك السيارات فى عمليات تخريبية بالكنائس.وقال الكاهن فرنسيس، وكيل مطرانية بنى سويف، إن «الأمن وضع حواجز مرورية على مداخل الكنائس حتى يمنع السيارات من الدخول، كما طالبنا بالتنبيه على المصلين بترك سياراتهم فى الخارج». وكشف الكاهن أن جميع كنائس بنى سويف ستؤدى اليوم صلاة خاصة خلال قداس الأحد، لحفظ مصر بعد الحادث الأليم فى الإسكندرية والفتنة الطائفية لتنعى شهداء المسلمين والمسيحيين.
وفى المنيا، أكد مصدر أمنى أن الخدمات الأمنية متواجدة بالفعل على كل الكنائس والمزارات القبطية، مستطردا: «لكن هذا لا يمنع أن المنيا ستشهد تكثيفا أمنيا على الكنائس والأديرة بعد الحادث الأسيف»، مضيفاً أنه إذا كانت كنائس مصر كلها ستشهد تكثيفات أمنية فى الفترة المقبلة فبالأولى محافظة المنيا، خاصة أن بعض الأزمات كانت بدايتها من محافظة المنيا.
أما رعاة الكنائس والأديرة بالمنيا فأكدوا عدم تغيير أى مواعيد فى القداسات أو اجتماعات الصلاة للشعب بشكل مبدئى، وأشاروا إلى أن الكنيسة «بيت الله سبحانه وتعالى وهو كفيل بحماية بيته».
متابعة نبيل أبوشال ورجب رمضان وعماد خليل ومصطفى المرصفاوى وأحمد على وناصر الشرقاوى، والمنيا ــ تريزا كمال، وبنى سويف ــ عمر الشيخ
المصرى اليوم
No comments:
Post a Comment