د. "مراد وهبة": رباعية الديمقراطية تشمل العلمانية والعقد الإجتماعي والتنوير والليبرالية
أقام مركز بحوث الشرق الأوسط بمقر المركز بجامعة "عين شمس"، ندوة بعنوان "رباعية الديمقراطية " للمفكر والفيلسوف د. "مراد وهبة"- أستاذ الفلسفة بجامعة "عين شمس"، وأحد الأعضاء البارزين في المنظمات الدولية، ومؤسِّس ورئيس الجمعية الدولية لـ"ابن رشد والتنوير" عام 1994. قام بتقديمها د. "جمال شقرة"- مدير المركز- والذي أعرب عن خالص سعادته بحضور هذا المفكِّر، والذي يُعد من الشخصيات البارزة التي تم ذكرها في موسوعة الشخصيات العالمية الأكثر شهرة في العالم، وله العديد من المؤلفات منها: فلسفة الإبداع، ومستقبل الأخلاق، وجرثومة التخلف.
الديمقراطية لها انياب
في البداية، أشار د. "مراد وهبة" إلى أن مجلس قيادة الثورة قد اختلف مع "عبد الناصر" حول موضوع إعدام الملك، فقرَّر مجلس قيادة الثورة أن يتم تنفيذ رأي "جمال عبد الناصر"، ومنذ هذه اللحظة أصبح "عبد الناصر" ديكتاتورًا رغم أنفه وتأجل مشروع الديمقراطية. موضحًا أن "عبد الناصر" قد علَّق يومًا على رواية "توفيق الحكيم" "عودة الروح"، معربًا عن تأثره بها.
ورأى "وهبة" أن "عبد الناصر" قد تأثر بعبارة واحدة في الرواية، وهي "نحن في انتظار خوفو جديد". مشيرًا إلى أنها تعني "نحن في انتظار فرعون قادم" حيث أن الفرعونية تراث لم يختف. مضيفًا أن "السادات" جاء ليقول "إن الديمقراطية لها أنياب"، أما الرئيس "مبارك" فقد فطن إلى هذا التناقض بين المسار الفرعوني والديمقراطية، فقرَّر تعديل المادة (76) من الدستور المصري، بحيث يتم اختيار الرئيس بالانتخاب من بين عدة مرشَّحين وليس بالاستفتاء، وهو تعديل يغيِّر مفهوم الأمور المطلقة، ويضعها في إطار النسبي، الأمر الذي يُعد بداية التطوير.
حكم الشعب بالشعب
وأوضح "وهبة" أن كلمة ديموقراطية ترجع إلى الأصل اليوناني "ديموس" وتعني "شعب"، و"كراتوس" وتعني "سلطة" أي "سلطة الشعب". مشيرًا إلى أن الديمقراطية الأثينية من أشهر وأقدَّم نماذج الديمقراطية في العالم خلال القرن الخامس قبل الميلاد ، وأنه قد صاحب هذا المصطلح ثلاثة مبادئ رئيسية هي المساواة السياسية، والإجتماعية، وحكم الشعب بالشعب. ولكن بعد حدوث حرب البلوبونيز وهزيمة "أثينا" أمام "أسبرطة" والتي اُعتبرت هزيمة للديمقراطية والعدالة والمثاليات التي مثَّلها النظام الأثيني، وانتصارًا للقوة المادية والواقعية العملية التي مثَّلها النظان الأسبرطي، وهو ما أدَّى إلى اختفاء مفهوم الديمقراطية إلى ما يقرب من 2000 عام أي إلى القرن السادس عشر، عندما تم اكتشاف دوران الأرض حول نفسها، الأمر الذي أزعج السلطة الدينية؛ لأن التحرك يعني التغيُّر، والتغيُّر أكبر دليل على أن كل شئ نسبي، وبالتالي ظهر أول مكوِّن من مكونات الديمقراطية وهو "العلمانية" التي تعني أن نفكِّر في النسبي بما هو نسبي.
نسف الحق الإلهي للحاكم
وأكّد "وهبة" أن الثورة الإنجليزية- والمعروفة باسم الثورة المجيدة- حدثت في القرن السابع عشر؛ لنسف الحق الإلهي للحاكم، والوقوف ضد طُغيان الملَكية، وهو ما أدّى إلى ظهور نظرية العقد الإجتماعي، المكوِّن الثاني للديمقراطية. مشيرًا إلى أن هذا قد حدث بفضل اثنين من الفلاسفة الإنجليز، أحدهما هو "توماس هوبز" والآخر "جون لوك"، واللذان اتفقا على تحديد شكل العلاقة بين الحاكم والشعب. وجاء القرن الـ18 لاستكمال مسيرة التنوير، وللمناداة بعدم وجود أي سلطة على العقل إلا العقل نفسه. وأضاف: أما المكوِّن الرابع للديمقراطية، فهو الليبرالية التي ظهرت في القرن التاسع عشر، حيث وُجد أن الفرد له قيمة لأن عقله له سلطان. موضحًا أن مكونات رباعية الديمقراطية هي العلمانية، والعقد الإجتماعي، والتنوير، والليبرالية، وهي أيضًا مكونات الحضارة الغربية.
جذور التنوير الأوروبي
وعن الفيلسوف الإسلامي "ابن رشد"، أكّد "وهبة" أنه اهتم بدراسة فلسفته، وأن له مقولة هي: "إن ابن رشد ميت في الشرق.. حي في الغرب"، الأمر الذي يعني أن فلسفة "ابن رشد" غير موجودة في الحضارة الإسلامية؛ لأن الشيخ "الغزالي" كفَّر الفلاسفة في كتاباته، الأمر الذي أدى إلى رد "ابن رشد" ومقولته الشهيرة: "من رفع الأسباب.. فقد رفع العقل"، وقد أغضب هذا الشيخ "الغزالي" لأنه رأى أن هذا الفكر لا يُفسح المجال لمبدأ المعجزة، ولذا تم حرق كتب "ابن رشد" ونفيه إلى أوروبا. موضحًا أنه في ذات الوقت، بدأ صراع في أوروبا بين الملك "فريدريك الثاني" وطبقة التجار من جانب، والسلطة الدينية وطبقة الإقطاع من جانب آخر، وقاموا بترجمة فلسفة "ابن رشد" دون الإلتفاف إلى ديانته، وانتصر العقل والتنوير، مما يؤكّد أن جذور التنوير الأوربي تعود إلى "ابن رشد".
No comments:
Post a Comment