أوسلو (رويترز) - فاز الناشط الصيني المسجون ليو شياو بو بجائزة نوبل للسلام يوم الجمعة لكفاحه السلمي الذي بدأه قبل عقود من أجل حقوق الإنسان. وتوقعت بكين منح ليو الجائزة وانتقدت الامر بشدة.
وتضع الجائزة حقوق الإنسان في الصين تحت دائرة الضوء في وقت تسعى فيه بكين للعب دور أكبر على الساحة العالمية نتيجة لتنامي قوتها الاقتصادية.
وأثنت اللجنة النرويجية التي تمنح نوبل على ليو في حيثيات الجائزة قائلة انها منحت له "لكفاحه الطويل والسلمي من أجل حقوق الإنسان الاساسية في الصين. واضافت "تؤمن اللجنة منذ وقت طويل بأن هناك ارتباط وثيق بين حقوق الإنسان والسلام."
وقال توربيورن جاجلاند رئيس اللجنة المانحة للجائزة إن الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم يجب أن تتوقع أن تتعرض لتدقيق أكبر مع تنامي قوتها مثلما حدث مع الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
وقال للصحفيين "يجب أن نتكلم عندما لا يمكن للاخرين الكلام... مع صعود الصين يجب أن يكون لنا حق الانتقاد.. نريد أن تتقدم هذه القوى التي تريد أن تصبح الصين أكثر ديمقراطية."
ولم يتلق رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو أسئلة من الصحفيين في مؤتمر صحفي بتركيا بعد اعلان منح الجائزة لليو.
وحذر فو ينج نائب وزير الخارجية الصيني رئيس معهد نوبل من منح الجائزة لليو وذلك خلال زيارته لاوسلو هذا الصيف وقال ان هذا الامر سيؤثر على العلاقات بين الصين والنرويج.
وانتقدت بكين أوسلو بشدة بعد منح الدلاي لاما الزعيم الروحي المنفي للتبت جائزة نوبل للسلام في عام 1989 .
وكانت شيرين عبادي المحامية الايرانية التي تدافع عن حقوق الإنسان هي أحدث معارضة تفوز بجائزة نوبل للسلام وكان ذلك عام 2003 .
وحكم على ليو بالسجن 11 عاما اعتبارا من ديسمبر كانون الاول بتهمة تخريب سلطة الدولة وذلك بعد عام من اعتقاله لكونه المؤلف الرئيسي لبيان أصدره مفكرون ونشطون صينيون ودعوا فيه الى حرية التعبير واجراء انتخابات تعددية.
وذاع صيت ليو أستاذ الادب السابق بصفته قائد اعتصام أثناء الاحتجاجات في ميدان تيانانمين عام 1989 .
وسجن ليو فيما بعد لمدة 20 شهرا وقضى بعد ذلك ثلاث سنوات في معسكر تأهيل خلال تسعينات القرن العشرين ووضع لشهور أيضا رهن الاقامة الجبرية الفعلية في منزله.
وقالت متحدثة باسم الخارجية الصينية الشهر الماضي ان نشاطات ليو "تتناقض وأهداف جائزة نوبل."
وتقول النرويج ان لجنة نوبل التي يختار البرلمان أعضاءها وتضم سياسيين سابقين مستقلة تماما.
وتبلغ قيمة الجائزة عشرة ملايين كرونة سويدية (1.5 مليون دولار) وستسلم في أوسلو في العاشر من ديسمبر كانون الاول.
ولم يعرف على الفور من سيتسلم الجائزة اذا لم يتسن لليو المسجون ذلك
كان المعارض الصيني الابرز ليو شياو بو شوكة في جنب الحكومة منذ عام 1989 حين انضم لاحتجاجات طلابية في اضراب عن الطعام قبل أيام من سحق الجيش للحركة الداعية للديمقراطية في ميدان تيانانمين
وكان ليو من أشرس منتقدي حكم الحزب الواحد بالصين وكثيرا ما أغضبت تصريحاته الحكومة التي تؤكد أن الصين دولة تعمل بمبدأ سيادة القانون وتحترم حقوق الانسان الاساسية.
وقال ليو لرويترز عام 2006 حين كان قيد الاقامة الجبرية في تصريحات مثل تلك التي أغضبت بكين "استخدام القانون لتعزيز الحقوق لن يكون له سوى أثر محدود حين يكون القضاء غير مستقل."
وشارك ليو في اعداد التماس "ميثاق 08" الذي دعا الى اجراء اصلاحات سياسية كاسحة وأعد على غرار التماس "ميثاق 77" الذي أصبح شعار الدعوة لحقوق الانسان التي التف حولها الناس في تشيكوسلوفاكيا الشيوعية عام 1977 .
وتم ترشيح ليو للجائزة من قبل فاتسلاف هافل الكاتب المسرحي المعارض وأحد الشخصيات البارزة التي وضعت "ميثاق 77" والذي أصبح رئيسا لتشيكوسلوفاكيا بعد سقوط الشيوعية كما رشحه فرع جماعة القلم الدولية الحقوقية.
وقالت ليو شيا زوجة ليو في مقابلة مع رويترز في وقت سابق هذا الاسبوع انه رغم أن حالته المعنوية مرتفعة فان صحته ليست بخير مضيفة أن اخر مرة رأته فيها كانت في السابع من سبتمبر ايلول.
وأضافت "أصدقاء ليو شياو بو يخبرونني كثيرا بأن رغبتهم في حصوله على الجائزة اكبر من رغبته لانهم يعتقدون أن هذه فرصة لتغيير الصين."
وفي العام الماضي وقف ليو هادئا في قاعة محكمة ببكين حين حكم القاضي بأنه مذنب "بالتحريض على تقويض سلطة الدولة" لدوره في وضع الالتماس ولمقالات نشرت على الانترنت تنتقد الحزب الشيوعي الحاكم.
ولم يسمح للناشط ليو بالتعقيب على الحكم في المحكمة.
وأثارت قضيته موجة غضب من جانب حكومات غربية ونشطاء بمجال حقوق الانسان في الداخل والخارج.
وقال بو تشي تشيانغ صديق ليو والمحامي الصيني المعروف في قضايا حقوق الانسان "انه يقول ما يخطر بباله."
وأضاف "لا أظن أن منح جائزة نوبل لشياو بو او اي صيني اخر سيكون له أثر هائل على وضع حقوق الانسان في الصين. لكن المؤكد أنه سيدفع المزيد من الناس للكفاح من أجل هذه القيم بأقصى ما في استطاعتهم
ولا تتعامل الصين التي شجعها اقتصادها القوي والمشاكل التي تعانيها القوى الغربية بصبر يذكر مع الضغوط التي تتعرض لها بسبب سيطرتها المحكمة على النشاط السياسي لمواطنيها.
ونادرا ما تبريء المحاكم الصينية التي يسيطر عليها الحزب ساحة المدعى عليهم خاصة في القضايا ذات الحساسية السياسية.
وقال محامي الناشط الصيني انه خلال هذه المحاكمة التي جرت في ديسمبر كانون الاول الماضي لم تمنح المحكمة لليو ومحاميه سوى 14 دقيقة فقط للدفاع وهي نفس المدة التي استغرقها ممثلو الادعاء في تلاوة الاتهامات.
وجاء في الحكم أن الهدف من كتاباته "كان تقويض الدكتاتورية الشعبية الديمقراطية لبلادنا ونظامها الاشتراكي."
من بن بلانشارد
No comments:
Post a Comment