فى منزلها بحى الزمالك تعيش الفنانة فريدة فهمى، ذلك الحى الذى أصبح مزدحما بما لا يمكن احتماله، ما جعلها تفكر ألف مرة فى الانتقال منه إلى منطقة أخرى، إلا أن الذكريات التى عاشتها داخل هذا المنزل تجعل فكرة تغييره مجرد خاطر سرعان ما يزول.. تقول وابتسامتها تكسو وجهها: «عشت سعيدة والحمد لله بين أب وأم رائعين، وزوج لا مثيل له».
■ كيف تصفين تجربتك فى الحياة بعد هذه السنوات من عمرك؟
- حياتى عشتها كما أريد وقررت أن أعمل ما أحب وأن أكون صاحبة القرار فيما أفعله، فأسست فرقة رضا مع عملاقين، جعلا منى أنا الأخرى عملاقة، وهما الفنان محمود رضا، وزوجى الفنان على رضا، وكنت أنا صاحبة قرار اعتزالى رغم أننى كنت فى قمة شهرتى، وقررت أن أتوج مشوار حياتى بعمل ماجستير فى الولايات المتحدة استغرق ٥ سنوات، لأستفيد من خبرتى التى حصدتها على مدار حياتى المهنية.
■ ما أبرز الصفات الشخصية التى لازمتك فى حياتك؟
- أنا شغوفة بالقراءة، وبالمعرفة فى أى مجال يثير اهتمامى، ومتابعة جيدة للتطور حتى إننى نسخت شرائط الفيديو الخاصة بأعمالنا الفنية على «سى ديهات»، والدى دائما ما كان يقول لى إن الجمال والشباب يذهبان أما العقل فلا.
■ متى اتخذت قرار التوقف عن الرقص وهل كان قرارا سهلا؟
- قرار التوقف عن الرقص اتخذته وأنا فى قمة شهرتى، رغم أن عمرى وقتها كان ٤٣، لكننى كنت أتمتع بنشاط وصحة أكثر ممن حولى، وقررت التوقف أيضا عملا بنصيحة والدى، فالصحة والشباب ليسا دائمين.
■ ماذا فعلتا بعد توقفك عن الرقص؟
- سافرت وزوجى إلى أمريكا للتعلم وبالفعل حصلت على الماجستير فى علم الأنثروبولوجى أو علم الأجناس البشرية، وتعرفت من خلاله على الثقافات المختلفة وكيف تعبر الجنسيات المختلفة عن نفسها من خلال الحركة، وقد حصلت على الماجستير، وأنا عندى ٤٨ سنة، وكنت أشعر بالتميز لأننى استفدت من خبرتى المهنية.
■ وماذا فعلت بعد عودتك من أمريكا؟
- بعد عودتنا، توفى زوجى، ودخلت فى حزن عميق عشت به لفترة طويلة، شعرت بعدها أننى لايجب أن أترك الموت يأخذ منى والدتى دون أن أستمتع بكل لحظة من حياتها معى، لأنها كل ما تبقى لى، ولأننى لم أنجب، وليس لى إخوة، وقد عشت معها طوال ١٠ سنوات، لم اخرج منها من المنزل إلا لأمر ضرورى، وقد كانت سيدة عبقرية، ولآخر يوم فى حياتها كانت تتمتع بعقل مفكر، رغم أنها توفيت عن عمر ٩٣ عاما.
■ ألم تملى من الجلوس فى المنزل طوال ١٠ سنوات؟
- بالعكس.. أنا مبسوطة جدا، بأنى أصبحت بيتوتية وأعيش حياة مليئة بالنشاط، فأنا أقرأ وأعمل مربى، وأسافر بين الحين والآخر، كما أننى أرسم، وأحاضر فى عدد من المدارس خارج مصر.. وحياة الوحدة لاتزعجنى إطلاقا، فقد عشت الشهرة منذ سن الـ ١٩ عاما وحققت كل ما أرغب به بقدرة قادر، فجأة وجدت نفسى أعمل ما أحب، وأعيش بين ناس عظام مثل والدى وزوجى، ومش كل الناس بيكون عندهم حسن الحظ إنهم يعيشوا كل اللى يتمنوه، كما عشت أنا.
■ ألم تفكرى فى عمل معرض فنى للوحاتك؟
- لا، فأنا أعرف مقدار نفسى جيدا، وأنا أرسم لاننى أحب الرسم فقط، وأنا «مش أد المعرض».
■ يعلم الكثيرون أنك زوجة محمود رضا، على الرغم من أنك زوجة أخوه، ما شعورك عندما تتعرضين لهذه المغالطة؟
- كنا نضحك كثيرا عندما نسمع ذلك، فالجمهور أحبنا سويا، لأننا كنا شركاء فى أعمال كثيرة، وكثيرا ما كانت الجرائد والمجلات تتناولنا أنا ومحمود رضا بالفعل كزوجين، وعندما يعرفون أننا لسنا زوجين كنت أسمع تعليقات الجمهور «ياخسارة، دول لايقين على بعض أوى»، على الرغم من أن محمود كان زوج أختى، وأنا زوجة أخيه، والذى كان رجلا لا يمكن وصفه.
■ كيف لا يمكن وصفه؟
- نعم، زوجى على رضا كان رجلا لا يمكننى وصفه، فكان أبا وأخا وزوجا وحبيبا وأغنانى عن إنجاب الأطفال، وكى أصفه أحتاج إلى تحرير كتاب.
■ كيف كان استقبال الجمهور الغربى لعروض فرقة رضا، رغم أنها فرقة مصرية بالدرجة الأولى؟
- فن الرقص هو الوحيد الذى يستطيع أن يفهمه الجميع لأنه بلا كلام، وقد احتفت بنا كل شعوب العالم، على الرغم من أننا كنا نقوم بعروض مغرقة فى المحلية «من حيث الملابس والأغانى والحركات»، ولكننا وصلنا بالفعل إلى العالمية، خاصة أننا كنا نتميز بخفة الظل.
■ هل مازلت تتواصلين مع زملائك ممن عملت معهم؟
- نعم.. أتواصل مع بعضهم، وأغلبهم يعيشون بصحة جيدة، ومنهم من سافر وافتتح مدارس للرقص فى دول أخرى، وآخرون أصبحوا جدودا ويعيشون مع أبنائهم وأحفادهم.
■ هل مازلت تمارسين الرياضة؟
- لم أعد منتظمة فى ممارسة الرياضة زى زمان، ولذلك زاد وزنى قليلا.
■ ألا تشعرين بالحنين للرقص وتتمنين أن تؤدى بعض العروض الآن ولو من باب الترويح عن نفسك؟
أرقص الآن على فترات متباعدة لكن داخل المنزل، وأنا وحدى، وعندما ألقى بعض المحاضرات فى الخارج تطلب منى الراقصات أن أؤدى بعض رقصاتى السابقة أمام الطلبة فأرفض، وأطلب منهن أن يقمن بها وأنا أقيم أداءهن.
■ كيف تنظرين للفرق بين الرقص كفن وما يمارس حاليا من حركات استعراضية عارية؟
- كنا قديما نشعر بما نفعل، فنحن لم نكن نرقص، بل نوثق تاريخ مصر من خلال حركات فنية، جمعها محمود رضا من كل محافظات الجمهورية، لذا فإن حركاتنا وأداءنا على المسرح كان ينبع من القلب، أما الآن فالأمر مختلف، فالكل يرقص لغرض فى نفسه.
■ هل ندمت يوما على ممارسة الرقص؟
- لا.
■ ما أصعب رقصة قمت بأدائها؟
- لا توجد رقصة سهلة أو صعبة وإنما حركة مفهومة أو لا، وقد كان هناك تفاهم شديد بينى وبين محمود رضا، لذا كنت أؤدى حركاتى بسهولة، والإبداع الحقيقى هو توصيل موهبتى للجمهور من خلال الرقص، كما فعلت كوكب الشرق أم كلثوم، التى استساغت ألحان السنباطى وكلمات رامى، وتوجتهما بصوتها فكانت مبدعة.
■ ما الفرق بين جيل فرقة رضا، والأجيال التى تلته فى الرقص؟
- هذه الأجيال تفكر دائما بطريقة «هات من الآخر» ولا يوجد فيها من يحاول تثقيف نفسه، فالكل يؤدى فقط، لكننا قديما كنا نؤمن بفكرة، وكان محمود رضا هو النقطة التى ندور حولها.
■ لو قدر لك أن تعيدى اختيارك فى الحياة التى عشتيها وبين حياة أخرى، ماذا ستختارين؟
- سأختار الحياة التى عشتها، لأنها كانت فى منتهى السعادة.
■ كيف تنظرين إلى واقع المرأة المصرية حاليا؟
- أرى أن المرأة الآن تعيش حالة من الردة، فقديما خرجنا على تقاليد المجتمع واستطعنا تغيير واقعنا بمساندة أهلنا ومن حولنا، أما الآن فهناك عودة إلى الخلف، على الرغم من أننا كنا نتوقع الوصول للأفضل، فعلى سبيل المثال عندما أسسنا فرقة رضا كان المجتمع يرفض دخول الفتيات عالم الرقص باعتبارها مهنة غير مرحب بها، لكننا استطعنا أن نجعلها مهنة مشرفة لأننا وثقنا بها الفن الشعبى المصرى لكننا للأسف لم نجد من نكمل المسيرة وبات عدد راقصات الفنون الشعبية قليلاً جدا.
سحر المليجى
Almasry Alyoum
No comments:
Post a Comment