إذا تابعنا ما يجرى فى المجمع الانتخابى للحزب الوطنى من ضرب وبلطجة وشوم وسكاكين، فلن نندهش كثيرا إذا رأينا نوابا مشابهين فى مجلس الشعب مثل أبوعقرب والقصاص ممن دعوا لقتل الناس بالرصاص، أوغيرهم من الفاسدين والمفسدين، ومثلهم من الجهلاء والأميين، فما جرى فى المجمع الانتخابى للحزب الحاكم فى محافظتى أسيوط والدقهلية مؤشر على حجم الانهيار الذى أصاب الحزب الحاكم والحياة السياسية المصرية، نتيجة غياب أى نظام للمحاسبة وانتشار الفوضى والبلطجة.
إن أزمة النظام السياسى المصرى تعود أساسا إلى أزمة الحزب الوطنى، وفشله فى بناء مؤسسة حزبية حقيقية لديها قواعد واضحة وخطاب سياسى متماسك يتم من خلالهما فرز واختيار أعضاء الحزب، وبدت العشوائية وعلاقات «البيزنس» والمصالح هى المتحكمة فى اختيارات أمين التنظيم الحالى وشلته لأى مرشح على قوائم الحزب.
والحقيقة أن كارثة الحزب الوطنى الذى ولد وظل فى الحكم منذ عام ١٩٧٨ ولم يعرف فى أى مرحلة من تاريخه وجوداً سياسياً خارج السلطة، أصبح هو حزب السلطة بامتياز، وإذا انفصل عن جهاز الدولة فمستحيل أن يجد كل هذا العدد من المهرولين والطامعين فى الترشح على قوائمه.
فلأول مرة نجد حزباً سياسياً يمارس كل هذه البلطجة الداخلية، دون أن يرغب وربما لن يقدر على مواجهتها، لأن ذلك سيعنى انتقاله من حالة السلطة (بفتح السين) والسمك لبن تمر هندى، إلى حالة مؤسسية لها ملامح ولديها رؤية سياسية، وهذا أبعد شىء عن ثقافة العهد الحالى، لأن «السلطة» تعطى للحكم قدرات هائلة على المراوغة وترك كل الأبواب مواربة حتى تغرى الناس بالصراع بالشوم والسكاكين والسلاح، ويظل الحكم مرتاح البال ممسكا بكل خيوط اللعبة حتى لو على حساب الشعب المصرى.
والمؤكد أن الحزب الوطنى لن يستطع أن يصلح النظام السياسى المصرى إلا إذا أصلح نفسه، وتحول إلى حزب حقيقى، واعترف أن قوته الحقيقية فى النسبة التى حصل عليها فى الانتخابات الأخيرة (حوالى ٣٢%) قبل هرولة المستقلين إلى كتلته البرلمانية، لأن هذا الوضع سيجعله حزباً طبيعياً يربح انتخابات ويخسر أخرى، وبالتالى يستطيع أن يضع قواعد سياسية وتنظيمية يحترمها أعضاؤه، فيحاسب المخطئ ويفصل الفاسد والجاهل.
وطالما بقى الحزب حريصا على ضم كل صاحب سطوة أو نفوذ، وجمع بين جنباته «تحالف قوى الشعب غير العامل»، سيصبح هدفه ليس بناء حزب سياسى يناضل من أجل البقاء فى السلطة، إنما الحفاظ بكل الوسائل غير المشروعة على هذه السلطة.
ولهذا الهدف ضم الحزب الحاكم تشكيلة متنوعة من كل ألوان الطيف السياسى وغير السياسى، وأعدادا هائلة من الأعضاء الراغبين فى الاستفادة من مؤسسات الدولة لحل مشكلات دوائرهم الانتخابية أو مناطق نفوذهم ، وأصبح الحزب يعانى من الترهل وعدم الفاعلية نتيجة هذا الكم الهائل من التناقضات الداخلية وصراع المصالح والنفوذ.
والسؤال: هل كل أعضاء الحزب الوطنى من الفاسدين المفسدين أو الجهلاء المتخلفين؟
بالتأكيد لا فهناك كثير من أعضاء الحزب الوطنى يمكن اعتبارهم إصلاحيين بامتياز، وهناك أكثر منهم من المهنيين ونواب الطبقة الوسطى الذين يكدحون من أجل أن يجدوا موطأ قدم بين الجماهير وداخل الحزب، ومازالوا ينتمون إلى ثقافة الطبقة الوسطى ولا يرتاحون لقيادة الاحتكار وشلة التوريث، دون أن يكون فى يدهم أى قرار.
والمؤكد أن هناك نظما تنتمى إلى ما يعرف بنظم التعددية المقيدة اختلفت عن مصر فى كونها بنت حزب حاكم وأحزاب سياسية حقيقية، بجانب مؤسسات دولة فعالة احتفظت بالتسلطية كما جرى فى إيران وروسيا وتركيا (فى فترة سابقة)، ودول أخرى، أما مصر فقد نالت مع مجمع الشوم ونواب العار «الحسنيين» أى حزباً منهاراً لا يقدم فكرة ملهمة للناس، ونظاماً تسلطياً لا يعرف كفاءة الإدارة ومهنية الأداء.
إن الفارق بين مصر وهذه الدول يكمن فى كفاءة الحزب الحاكم، وفى قدرته على أن يكون له أهداف أخرى غير البقاء فى السلطة، فى حين أن ضعف الحزب الحاكم فى مصر وترهله وعجزه عن التواصل مع الجماهير، بل دور بعض قادته المؤكد فى تخريب جهاز الدولة، وانهيار كفاءته، بصورة جعلته يعتبر التزوير فى الانتخابات «قيمة عليا» والبلطجة «اختياراً استراتيجياً» سواء كانت المنافسة بين أعضاء الحزب أومع أحزاب أخرى، فالنتيجة واحدة هى أنه لا صوت يعلو فوق صوت الفوضى والبلطجة.
إن ما جرى وسيجرى فى المجمع الانتخابى للحزب الوطنى عاكس لطريقة عمل الحزب الحاكم، وهذه الفوضى فى أدائه وبنيته الداخلية ستنعكس حتما على شكل النواب الذين سيختارهم وسيرشحهم، وأيضا على طريقة إدارة صراعه مع الأحزاب المنافسة.
علينا ألا نندهش من وجود نواب الرصاص والشتامين والفاسدين داخل الحزب الوطنى، فما يجرى فى البرلمان هو امتداد لما نشاهده فى مجمع الحزب الوطنى الانتخابى.
إن أسوأ ما قدمه الحزب الوطنى للحياة السياسية المصرية هو هذا الفشل فى بناء منظومة سياسية فيها حد أدنى من الكفاءة والاحترام ، فلن نعارضه إذا قرر استبعاد جماعة الإخوان المسلمين من انتخابات الشورى والتشريعية واعتبرها جماعة محظورة تهدد أسس النظام الجمهورى والدولة المدنية، ولن نقف ضده إذا قرر ألا تحصل أحزاب المعارضة والمستقلون على أكثر من ٥٠ مقعدا، بشرط أن يتركنا نختار بحرية ونزاهة من يرشحهم لنا.
لقد تحول التزوير والبلطجة على يد الحزب الوطنى إلى سلوك عام ، نشاهده حتى فى الانتخابات التى لا ينافس فيها أحد الحزب الوطنى مثل انتخابات مجلس الشورى، والتى تجرى بين أعضائه وأصدقائه وحبايبه، ومع ذلك تزور وتعرف عنفا وبلطجة متكررين، ولا يرغب حتى أن يترك الناس تنتخب بشكل حر وديمقراطى من رشحهم الحزب الوطنى.
علينا ألا نندهش حين نجد استقالات من الحزب الوطنى احتجاجا على الطريقة التى تم بها اختيار المرشحين فى المجمع الانتخابى، ولا من ترشحهم فى مواجهة مرشحى الحزب الرسميين، ولا من عودتهم سالمين غانمين إلى بيت الحكومة الوطنى الديمقراطى بعد فوزهم، كما أننا لن نندهش أيضا من انتقال نفس البلطجية وحملة الشوم والسكاكين من المجمع الانتخابى إلى الشارع الانتخابى، ولا من ابتكار أساليب جديدة فى التزوير لصالح ذوى العضلات المفتولة والأموال السخية.
لا يجب أن نندهش من أى شىء ولا يجب أن يلفت نظرنا حجم الجرائم التى سترتكب فى الانتخابات القادمة أوتحت قبة البرلمان، فلا يوجد جريمة أبشع من التحريض على قتل المتظاهرين فى الشوارع دون أى محاسبة، لأن المحاسبة تعنى ثمنا، والحكم بقى ٣٠ عاما يجعل الناس فقط هى التى تدفع الثمن.
والمؤكد أن هناك نظما تنتمى إلى ما يعرف بنظم التعددية المقيدة اختلفت عن مصر فى كونها بنت حزب حاكم وأحزاب سياسية حقيقية، بجانب مؤسسات دولة فعالة احتفظت بالتسلطية كما جرى فى إيران وروسيا وتركيا (فى فترة سابقة)، ودول أخرى، أما مصر فقد نالت مع مجمع الشوم ونواب العار «الحسنيين» أى حزباً منهاراً لا يقدم فكرة ملهمة للناس، ونظاماً تسلطياً لا يعرف كفاءة الإدارة ومهنية الأداء.
إن الفارق بين مصر وهذه الدول يكمن فى كفاءة الحزب الحاكم، وفى قدرته على أن يكون له أهداف أخرى غير البقاء فى السلطة، فى حين أن ضعف الحزب الحاكم فى مصر وترهله وعجزه عن التواصل مع الجماهير، بل دور بعض قادته المؤكد فى تخريب جهاز الدولة، وانهيار كفاءته، بصورة جعلته يعتبر التزوير فى الانتخابات «قيمة عليا» والبلطجة «اختياراً استراتيجياً» سواء كانت المنافسة بين أعضاء الحزب أومع أحزاب أخرى، فالنتيجة واحدة هى أنه لا صوت يعلو فوق صوت الفوضى والبلطجة.
إن ما جرى وسيجرى فى المجمع الانتخابى للحزب الوطنى عاكس لطريقة عمل الحزب الحاكم، وهذه الفوضى فى أدائه وبنيته الداخلية ستنعكس حتما على شكل النواب الذين سيختارهم وسيرشحهم، وأيضا على طريقة إدارة صراعه مع الأحزاب المنافسة.
علينا ألا نندهش من وجود نواب الرصاص والشتامين والفاسدين داخل الحزب الوطنى، فما يجرى فى البرلمان هو امتداد لما نشاهده فى مجمع الحزب الوطنى الانتخابى.
إن أسوأ ما قدمه الحزب الوطنى للحياة السياسية المصرية هو هذا الفشل فى بناء منظومة سياسية فيها حد أدنى من الكفاءة والاحترام ، فلن نعارضه إذا قرر استبعاد جماعة الإخوان المسلمين من انتخابات الشورى والتشريعية واعتبرها جماعة محظورة تهدد أسس النظام الجمهورى والدولة المدنية، ولن نقف ضده إذا قرر ألا تحصل أحزاب المعارضة والمستقلون على أكثر من ٥٠ مقعدا، بشرط أن يتركنا نختار بحرية ونزاهة من يرشحهم لنا.
لقد تحول التزوير والبلطجة على يد الحزب الوطنى إلى سلوك عام ، نشاهده حتى فى الانتخابات التى لا ينافس فيها أحد الحزب الوطنى مثل انتخابات مجلس الشورى، والتى تجرى بين أعضائه وأصدقائه وحبايبه، ومع ذلك تزور وتعرف عنفا وبلطجة متكررين، ولا يرغب حتى أن يترك الناس تنتخب بشكل حر وديمقراطى من رشحهم الحزب الوطنى.
علينا ألا نندهش حين نجد استقالات من الحزب الوطنى احتجاجا على الطريقة التى تم بها اختيار المرشحين فى المجمع الانتخابى، ولا من ترشحهم فى مواجهة مرشحى الحزب الرسميين، ولا من عودتهم سالمين غانمين إلى بيت الحكومة الوطنى الديمقراطى بعد فوزهم، كما أننا لن نندهش أيضا من انتقال نفس البلطجية وحملة الشوم والسكاكين من المجمع الانتخابى إلى الشارع الانتخابى، ولا من ابتكار أساليب جديدة فى التزوير لصالح ذوى العضلات المفتولة والأموال السخية.
لا يجب أن نندهش من أى شىء ولا يجب أن يلفت نظرنا حجم الجرائم التى سترتكب فى الانتخابات القادمة أوتحت قبة البرلمان، فلا يوجد جريمة أبشع من التحريض على قتل المتظاهرين فى الشوارع دون أى محاسبة، لأن المحاسبة تعنى ثمنا، والحكم بقى ٣٠ عاما يجعل الناس فقط هى التى تدفع الثمن.
بقلم د. عمرو الشوبكى ٢٩/ ٤/ ٢٠١٠
amr.elshobaki@gmail.com
amr.elshobaki@gmail.com
No comments:
Post a Comment