Sunday, May 17, 2009

قنديل يؤكد القيادة السياسية تتعامل وكأننا بدولة دينية

فؤاد قنديل يُعد وأحداً من أبرز الأدباء والروائيين في مصر وله كثير من الروايات والمقالات المنشورة، وقد منع التليفزيون المصري عرض مسلسل تليفزيوني مأخوذاً عن إحدى رواياته لأن الرواية كانت تقدم شخصية مسيحية!
وقد حصل قنديل على مجموعة من الجوائز من أهمها جائزة نجيب محفوظ للرواية بالوطن العربي عام 1994 وجائزة التفوق في الأدب عام 2004، كما ورد اسمه بموسوعة الشخصيات القومية البارزة الصادرة عن الهيئة العامة للإستعلامات، كما أنه يشغل كثير من المناصب من أهمها عضو المجالس القومية المتخصصة وعضو نادي القلم الدولي وعضو مجلس ادارة اتحاد الكتاب وعضو مجلس إدارة نادي القصة ورئيس تحرير سلسلة "إبداعات" وسلسلة "كتابات جديدة"، كما أنه من أبرز الكتاب المهمومين والمؤمنين بفكرة المواطنة بين المصريين، ولقد كان لموقع "الأقباط متحدون" هذا لحوار مع الروائي والأديب الكبير:**
هل ترى كأديب وروائي أن الدراما المصرية والتليفزيون معنيان بتجسيد مفهوم المواطنة أو الآخر الديني؟
* أولاً أنا ضد كلمة الآخر، لأننا جميعاً طول عمرنا مسلمين ومسيحيين نسيج واحد، ولكن بالنسبة للمواطنة في الدراما والتليفزيون فأستطيع أن أقول لك أن الأعمال التي تجسد قليلة، وقد رفض التليفزيون المصري مسلسل مأخوذ عن رواية كنت قد كتبتها وهذه الرواية بعنوان "حكمة العائلة المجنونة".
** ولماذا رفضوا المُسلسل؟
* رفضوه لأنني كنت أقدم صورة لـ"ملاك" صديقي، كإنسان رفيع الفكر والرؤية، وكانت حجتهم في الرفض أن هذه الأعمال بتعمل حزازية بين المُسلمين والمسيحيين!! وهذا فهم خاطئ وجهل وضيق أفُق منهم، لأن مثل هذه الأعمال تُدعم الروابط والقواسم المُشتركة بين المسيحيين والمُسلمين، والمشكلة أن هؤلاء بيكونوا ملكيين أكثر من الملك بضيق أفقهم وفهمهم الخاطئ، وأنا أرى أن هذا اللون يجب أن يزيد جداً ويكتر لكي يظهر النسيج المختلف لكل المصريين، وعلى مستوى المُعتقدات فيجب أن يتم عرض الشخصية المسيحية واليهودية وكل فئات المجتمع.
** ولماذا لم تعرض هذا العمل الوطني المهم على جهة إنتاج خاصة؟
* أنا من عادتي ومن طبعي أنني لا أذهب إلى السينما والتليفزيون ولا أطرق أبوابهم، وأنا لي 16 رواية ومن يريد أن يأخذ أياً منها فليأخذها، بس بشرط يقولي أنا عايز آخد الرواية الفلانية أعملها مسلسل أو فيلم.
** هل أنت مع عرض برنامج ديني مسيحي في التليفزيون الرسمي المصري؟
* طبعاً أنا مع ذلك، وأطالب بعرض برنامج ديني مسيحي وبرامج دينية لأصحاب المعتقدات الدينية الأخرى في التليفزيون الرسمي، لأن هذا حقهم، وكذلك من الواجب على المُسلم أن يعرف تفاصيل الإعتقاد الديني لدى أخوه المصري المسيحي، والعكس بالعكس، فهذا حقهم وهذه بضاعتهم لازم نعرضها لهم ومش بضاعتهم لوحدهم بس بل بضاعتنا إحنا كمان، والبابا شنودة بتاعي زي ما هو بتاع المسيحيين، والبابا شنودة على فكرة بيني وبينه مودة كبيرة وبنتقابل، وعندما ذهب لاستلام جائزة من الرئيس الليبي معمر القذافي قال أنا عايز فؤاد يكون جنبي في الطيارة، وفعلاً ذهبت معه، وبخصوص ضرورة معرفة الإعتقاد الديني للمسيحي أو المسلم أنا لي رواية إسمها "بذور الغواية" أقدم فيها شخصية مسيحية مهمة والناس بتستغرب لثقافته ومعلوماته عن الدين الإسلامي وهذا الشخص اسمه في الرواية "ناعوم لوندي" ويعمل لدى رجل أعمال مسلم وبسبب معرفة لوندي العميقة بالإسلام قال له رجل الأعمال المسلم: أنت أكيد مسلم بس متنكر!
** ما هي أسباب تهميش المسيحيين من وجهة نظرك؟
* السبب الأول هو الجهل وعدم الدراية لا بالتاريخ ولا بالمستقبل ولا بالحاضر الذي يقوم على الإثنين، هو يعني لما دخل المسلم والمسيحي الجيش المسلم بس هو اللي حارب والمسيحي قال لا مش ها احارب؟! بالطبع لا، الاثنين حاربوا ودافعوا عن البلد، فاللواء فؤاد عزيز غالي البطل العظيم قائد الجيش الثاني كان رئيس أخي في الجيش وكان أخي يضرب به المثل في الأخلاق والبطولة والشجاعة وحب مصر، وكان أخي يقول لي أنه كان بيقول لازم نقتحم ونحارب واللي يحصل يحصل، والسبب الثاني لتهميش المسيحيين هو التخلف كما قلت لك، وخلي بالك التخلف غير الجهل لأن الجاهل لا يفهم عموماً أما صاحب الفكر المُتخلف فهو اللي بينظر على أساس أن المسلمين هم بس اللي يحكموا وهم بس اللي يقعدوا وهم بس اللي يمارسوا الحياة وهم بس اللي يتولوا المناصب وهم بس اللي بياخدوا المسلسلات، وفي نفس الوقت ينسى أن هناك شركاء له في الوطن ولهم نفس الحقوق، فالمتخلف فاهم أن المسلمين هم فقط الذين من حقهم كل حاجة، إفرض مثلاً أن عندنا 100 منصب في البلد، فيجب أن يكون 80% منها للمسلمين و20% للمسيحيين لكي يتحقق العدل والمواطنة.
** هل غياب الإرادة السياسية يلعب دوراً في هذا التهميش؟
* الإرادة السياسية هي أضعف من أن يكون لها دور!**
لماذا في رأيك الإرادة السياسية أضعف من أن يكون لها دور؟
* لأن هناك ناس كثيرة حول صُناع القرار بيبينوا لهم أن إحنا لازم نتصرف على أساس أننا دولة إسلامية، مع أن مفهوم المواطنة لازم تهتم بمثلث الطفل والمرأة والمسيحي، ويجب أن ندرك أننا حديثي العهد بالمواطنة والحقوق ستأتي خطوة خطوة وبالتدريج.
** كيف ترى دور المثقفين في نشر ثقافة المواطنة في مصر؟
* المُثقفون بيقوموا بدور مهم وعليهم ان يواصل المسيرة في اتجاه ترسيخ وتدعيم المواطنة بلا حدة ولا عنف، فالوطن بتاع المسيحي قبل المسلم ولظروف تاريخية ما طوال الـ 1400 سنة وصلنا لهذا الوضع الذي نحن عليه الآن، ولكن الفرصة متاحة تماماً لتغييره فالمثقفين بيقوموا بدور كبير جداً ولكن ما زال المطلوب منهم أكثر لتصل أفكار التنوير لرجل الشارع العادي والتلاميذ في المدرسة، وما زلت أقول أننا مُحدثين في مسألة المواطنة والحقوق ستأتي تدريجياً.
** هناك تصريح للكاتب الكبير أحمد عبد المعطي حجازي قال فيه أن الجماعات المتطرفة قد ظهرت بسبب فشل الطاغية في تحقيق ما وعد به، فهل أنت مع هذا الرأي؟
* أنا أرى أنه في عهد الرئيس مبارك المسائل اتفكت شوية عن أيام السادات وأيام عبد الناصر وغيره.
** هل تؤيد فكرة فصل الدين عن الدولة؟
* أنا أؤمن بفكرة فصل الدين عن الدولة وهذا الفصل يجب أن يأتي بالتدرج، لأن هيمنة رجال الدين المتمثلين في شيوخ الأزهر وشيوخ الجوامع ووزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية تعتبر قوية، فاليوم أمامك جبل محطوط وعلشان بس تحفر فيه حفرة لازم تبذل مجهود، وتدريجياً وبجهود المثقفين ها نوصل لفصل الدين عن الدولة وسيحدث هذا قريباً.
** وما الذي جعلك متفائل بأن فصل الدين عن الدولة سيحدث قريباً؟
* لأننا بنتقدم كل يوم خطوة، فمنذ فترة ما كانش حد بيجيب سيرة المواطنة وحقوق الطفل والمرأة والأقباط، رغم أن طول عمرنا كنا بنقول يحيا الهلال مع الصليب، ولكن مع الوقت بيحدث تنمية للوعي والمشاكل اللي بتحصل معظمها بتكون في المناطق المتخلفة ومش ممكن تحصل مثلاً في مجلس الشعب أو بين المثقفين، فالأمور الآن تتجه للمواطنة ولكي يتم ذلك لا بد أن يكون هناك أيضاً تداول للسلطة على المستوى السياسي والحزبي، ما ينفعش يكون رئيس جمهورية بقى له 30 سنة وعايز تقول أطور في نظم الحكم والمواطنة في عهده، لأنه قاعد أصلاً، فالتطور سيأتي مع الجديد مش مع اللي قاعد، فالتجديد عموماً مفيد ويأتي بتجديد للدماء وتجديد الدماء ياتي بأفكار جديدة لتحل محل الأفكار المتحجرة والعادات القديمة مع استبقاء العادات التي أجمع الجميع على قبولها كالعادات الدينية عند المسيحيين والمسلمين، فأنا لما بأقابل أبونا أبوس إيده وأفعل كما يفعل المسيحي، لأنه رجل دين وعلى رأسي من فوق، فأنا واعي لقيمة الراجل ده وبالتالي أحترمه.
** ما رأيك في جماعة الإخوان المسلمين؟
* الجماعة ارتبط تاريخها الماضي بأحداث دموية وشنيعة وبشعة، فالإخوان الذين قتلوا النقراشي وقتلوا السادات رجعوا عن هذا الفكر اليومين دول وقالوا لا إحنا عايزين نراعي الشريعة، وحدث لهم نُضج، فهم لم يعترضوا الآن على عمل المرأة رغم أنهم كانوا معترضين على ذلك في بداية تاريخهم.
** هل تؤيد فكرة أن يحكم الإخوان المسلمين مصر؟
* لا لا.. ولست مع فكرة وجود حزب لهم.
** هل أنت مع حقوق البهائيين المصريين؟
* معروف أن الأفكار الجديدة في البداية بيكون من الصعب استيعابها وقبولها من المجتمع، ونحن كنا أصلاً دولة دينية لغاية وقت قريب وكل حاجة عندنا الدين وكان الإعتبار الأول والأخير هو الدين، فمنذ فترة فرغم الملوك والحاجات دي كلها لكن اذا الشيخ قال حاجة تمشي على الملك وعلى رئيس الجمهورية، فأيام عبد الناصر الأزهر هو اللي قال لا تنشروا رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ، فأرسلوا وقتها للرئيس جمال عبد الناصر وقالوا له لا يجب أن تنشر هذه الرواية، وكانت الرواية وقتها بتنشر في الأهرام على حلقات، فالمسألة هنا هي أن الشيخ في العالم الإسلامي له مكانة كبيرة جداً وهذه مسألة موروثة ومستقرة والعالم بينظر لمصر على أنها مرجعية دينية، فلما تيجي النهاردة وتقول لهم بهائيين فسيكونوا مرفوضين بالنسبة لهم، لكن مع تقدم المد في المواطنة سيأخذ البهائيين حقهم أو سياخذون فوق دماغهم.
** متى تتحقق المواطنة الكاملة في مصر؟
* المواطنة الكاملة ستتحقق فقط إذا استطعت أن تغير ثقافة الناس لقبول ثقافة التنوع والإختلاف، فبدون تغيير هذه الثقافة لم ولن تتحقق الديمقراطية والمواطنة، وثقافة الشارع يمكن تغيير من خلال الإعلام والتعليم والدراما

No comments: