المائة قرية الأكثر فقراً.... قرر الحزب الحاكم ولجنة سياساته علاجها ولم يقل لنا كبراء اللجنة ماذا عن الوطن الأكثر فقراً.. وأي فقر يقصدون.. الفقر المادي أو الحضاري أو الثقافي أو الإنساني أو الفقر الأسوأ والأسود وهو فقر جموع المصريين بقيمتهم الإنسانية أو بحقوقهم أو فقر المواطنة أو ضياعها أساساً من قاموس المصريين.
أصحاب الفخامة المسئولون الذين يتجولون في أنحاء الدنيا مع حساب ومن أموال هذا الشعب، هل لم يلحظوا كيف تطورت وتقدمت شعوب كانت أقل قيمة وحضارة، وكيف من كرامتهم المحفوظة في أوطانهم يستمدون اعتزازهم بأنفسهم حتي يكاد الواحد منهم أن يقول لك إن سعادة البيه الخادم وبتهذيبه ومهارته يفرض عليك أن تحترمه وتعجب به
.من أفقر، وأفقر المصريين ثقافة ومهارات وقيمة العمل.. من أخرجهم من سباق التنافس والتفوق من صنع مسافات بينهم وبين تراثهم الثقافي والحضاري الذي كان يجب أن يواصل تشكيل ملامح علاقتهم بالوجود..
من جعل ثقافة العشوائيات تنعكس علي ملامحهم وأخلاقهم وطرق معيشتهم، وما يلبسون ويأكلون وينطقون من قواميس مستحدثة جارحة ومليئة بالخشونة والقسوة.
. من أسكن الخوف والاستذلال تحت جلدهم.
. من جعلهم لا يدافعون عن حقهم في الأفضل في كل شيء.. في المسكن والملبس واللقمة والمدرسة والعمل والأمل والمستقبل.. من جعلهم عبيد إحسان من يتكرم ويتفضل ويمنح..
من جعل الرضا يساوي الانكسار والخيبة والاستسلام والتسليم بأنه المقدر والمكتوب..
من جعلهم لا يفهمون أن ما هم فيه من بؤس واستذلال وفقر ومشاكل وحياة مستحيلة، هو نتاج أفعال وسياسات وحكم من أفقروهم مادياً وإنسانياً وحضارياً، ويتاجرون الآن ببرامج إنقاذهم من هذا الفقر..
كأن حزباً آخر كان يحكم مصر طوال الثمانية والعشرين عاماً الماضية وكأن سادة الحزب ورسل رحمته ليسوا ضالعين ومسئولين عن كل ما حدث للمصريين.. وليسوا شركاء من نهبوا وحلبوا ثروات هذا الشعب..
ما أكثر ما عرف المصريون الفقر المادي ولكن الغني الحضاري والثقافي والمهارات الذاتية كانت تطبب وتمثل مدخراتهم ورؤوس أموالهم الحقيقية، هذه المدخرات التي كانت تمتص وتخفف الصدمات المادية..
ربما لم يحدث في تاريخهم ما يحدث الآن.. أن يضيع ويخرب الاثنين في وقت واحد
.أنبياء ورسل الإنسانية لإنقاذ المصريين من فقرهم.. ما رأيهم في فقر التعليم.. وتعثر البحث العلمي.. وفقر الفلاح وفقر العامل وفقر الصحة وفقر العدالة وفقر التنمية وفقر فرص الشباب للأمل وصناعة المستقبل وفقر الديمقراطية والمشاركة السياسية
.هل يعني هذا أن المصريين ليست لديهم تخمة ووفرة في أي شيء؟! لا سمح الله هناك وفرة وغني في الجريمة والفساد والإفساد والبلطجة والتزوير وبطالة وانتحار الشباب والأمراض النفسية والتخويف والترهيب وجيش الأمن المركزي وأمن الدولة..
وثروات ومدن الأغنياء الجدد.الذين يتحدثون عن أكثر مائة قرية فقراً في الصعيد.. ما رأيهم في سكان الدويقة والملايين من سكان العشوائيات ومنازل الإيواء من عشرات السنين
.. بالمناسبة رسل الرحمة الفاخرون والمنتجعون في المنتجعات الفاخرة هل لا تقع أعينهم الكريمة علي هذا البشر عندما يخطئ برنامج تليفزيوني ويذهب إليهم..
وهل لا يصيب السادة الوجهاء وجع أو خجل أو إحساس بمسئولية هذا، إن بقيت ثغرات يتسرب منها ضمير.. بعض فلاسفة الحزب مازالوا يطلقون الشعارات ويكتبون عن أنواع وأشكال الفقر، وهذه عينة من رؤاهم السنية
.إن سياسات مكافحة الفقر هي الوجه الآخر لسياسات التنمية الاجتماعية المتكاملة، وهي الهدف الأخير من كل سياسات النمو الاقتصادي، فلا خير في نمو اقتصادي تحتكر ثماره أقلية من الناس، وهو نمو لا يمكن ضمان استدامته واستمراره وسياسات، مكافحة الفقر هي تعبير عن الهدف السياسي المتمثل في تحقيق النمو والعدالة أو النمو وحسن التوزيع، وهو هدف لم يعد محل جدل أو نقاش بل أصبح مسلماً به بين كل مدارس الفكر التنموي الحديث، وسياسات مكافحة الفقر هي سياسات تضمن حقوق المواطنة المصرية
فالمواطنة ليست مجرد شعار نتغني به ولكن مجموعة حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية نعمل من أجل توفيرها لكل مواطن مصري.. د. علي الدين هلال - الأهرام 7/3/2009.
ولا تسألهم هل طبق هذا الفكر وهذه الشعارات خلال 28 عاماً - مجرد نموذج واحد لانفصال فكر رسل الإنقاذ عن الواقع والوقائع المعاشة.ومهما وصل فقر المصريين.
. فالذين صنعوا المأساة هم الأكثر فقراً في الثقافة والحضارة والعلم والخبرة والمعرفة بإمكانات وقدرات هذا الشعب.. وبرنامج مقاومة الفقر في الوطن الأكثر فقراً لن يحدث إلا إذا أمسك بدفة القيادة الأمناء والخبراء والمنتمون والقادمون من رحم ألم ومعاناة المصريين وإرثهم الحضاري والثقافي العظيم
بقلم- سكينة فؤاد
نقلا عن البديل
نقلا عن البديل
No comments:
Post a Comment