انتهى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ما يقرب من أسبوعين، وكانت آثار الخراب والدمار واضحة وضوح الشمس وتملأ الأركان وذلك ما أكدته لنا شاشات الفضائيات أيضاً من خلال ما نقلته من مشاهد يندى لها الجبين وتُدمي القلب، ولكن على ما يبدو أن قادة حماس عمي البصر والبصيرة، إذ خرج علينا قادتهم ليتحفونا ببياناتهم التي خَلت تلك المرة من الشجب والإدانة لتمتلئ بالكذب والسخافة بإعلانهم النصر المبين على إسرائيل وبقية تلك الخُطب النارية العنترية التي اعتادها العرب مدعمين خُطبهم بغلاف ديني لدغدغة المشاعر وجذب عطف وتأييد الكثيرين إذ لا يُخفى عليكم أن اللعب بورقة الدين في شرقنا دوماً يحقق أعلى المكاسب بل قل كلها على الإطلاق. وخطبهم الحماسية تلك ملأت شاشات الفضائيات وأخذوا يستمرون بعنتريتهم ويملون شروطهم على العدو الإسرائيلي وكأنهم فعلاً الطرف الأقوى بالحرب، وهذا يدل على أنهم ممن يكذبون ويستغرقون بكذبهم لدرجة تصديق أنفسهم، وكأن الشعب الفلسطيني كان في نزهة طويلة للمرح أو أن ما حدث من مآسي إنسانية غير كافي لإرضاء غرورهم وتلك الدماء لأولئك الأبرياء ليس لها أي ثمن لديهم طالما أنها بعيدة عن أولادهم وذويهم ممن اختبئوا معهم في الخنادق أو في فنادق سوريا وإيران.
ألم تشهدوا دماء الأطفال وأشلاءهم التي ملأت الشوارع؟؟! ألم تلمحوا بعيونهم نظرات الرعب؟! والخوف الذي ملأ كيانهم إثر ما شاهدوه من دمار حولهم أو ما خلفته الحرب في بعضهم من عاهات مستديمة أو تجارب مريرة لا تمحوها الأيام والسنون؟؟!!
شاهدت بالأمس منظر أولئك الأطفال الذي أدمى قلبي قبل عيني، حيث شاهدت فتاة في عمر الزهور لا تتعدى الثامنة عشر وكانت تبكي بمرارة وحرقة وتسرد قصتها مع أيام العدوان وكيف أنها الآن تعاني من كوابيس مزعجة أثناء النوم وفزعتها الدائمة والمستمرة حين يمر أحد بجانبها، وطفل آخر صغير لا يتعدى الثامنة من عمره ورأى أسرته بالكامل مطروحة على الأرض بجواره غارقة بدمائها وأنه لم يستطع نسيان ما رآه، وأخذت قافلة من الأطباء النفسيين التي ذهبت لمساندتهم تحكي كيف أن الشعب الفلسطيني وخاصة الأطفال والسيدات منهم يعانون آثار نفسية هائلة.
لن أعلق بمزيد من الكلمات إذ أجد أن الكلمات تقف عاجزة عن التعبير، فأحياناً نكون المواقف أكبر من الكلمات ولكني أتوجه بنداء لحماس وأمثالها من تلك الحركات التي تلعب بورقة الدين أن يكفوا عن المتاجرة بدماء شعوبهم، ونداء إلى الجهلة من بني وطني الذين طالبوا الرئيس بالمشاركة في تلك الحرب أن يكفوا عن الهراء والعنترية وأن ينظروا للأمور بمنظور عقلاني وليقدموا جواب شكر للرئيس لحكمته في التصرف وأنه وقاهم شر حرب لا تترك إلا الخراب والدمار في النفس والمكان على السواء
بقلم: أماني موسى
No comments:
Post a Comment