Saturday, August 09, 2008

خدعوك فقالوا: أفلامه ليست مفهومة


أفلامه ليست مفهومة.. مقولة شائعة يتبادلها الكثيرون عن أفلام يوسف شاهين، بل إن البعض تهكم على الأفلام "الشاهينية" بأنها مجرد طلاسم ورموز، مثل التى كانت موجودة على حجر رشيد وتحتاج إلى شمبليون آخر ليفكها.لكن بكثير من التروى نجد أن الغالبية العظمى من أفلام شاهين لا ينطبق عليها هذا القول، وأن الادعاء بأن أفلامه ليست مفهومة هو قول من قبيل المبالغة، حيث أنجز شاهين 35 فيلماً روائياً طويلاً معظمها "سهلة الهضم" وتقترب من حياة المواطن العادى.ويبدو أن جراءة يوسف شاهين فى تناوله لظروف الواقع السياسى فى مصر، دفعت بعض وسائل الإعلام الحكومية لترويج فكرة أن أفلام شاهين غامضة، خاصة أن أفلامه جريئة مثل "عودة الابن الضال"، و"الآخر" و"العصفور" الذى لاقى اعتراضات رقابية عديد ومنع عرضه قبل حرب 6 أكتوبر، لأنه تناول غضب المواطنين من الفساد فى المؤسسات الحكومية بعد نكسة 76.وبعيداً عن الجراءة فى تناوله للأحداث السياسية والاجتماعية فى مصر، نجد أن أحد أسباب انتشار مقولة إن أفلام شاهين غامضة، يتمثل فى أن شاهين حاول فى بعض أفلامه الحديث عن نفسه وهواجسه الذاتية وخلط ذلك بهموم الوطن، ليؤلف خلطة فنية اجتماعية سياسية ذاتية.
يدعم هذا القول المخرج رأفت الميهى ويقول إنه من الظلم الادعاء بأن جميع أفلام شاهين غير مفهومة، بل إنه يرى عكس ذلك تماماً، ويعتبر شاهين مبدعا حقيقيا وعلامة فى تاريخ السينما المصرية، فهو أستاذه الذى استفاد منه كثيراً، ومن يهاجمه يبحث فقط عن الصيت والشهرة، وعليه أن يحاول إنجاز نصف ما أنجزه شاهين حتى يستطيع أن يهاجمه. الميهى يقف ضد كل الاتهامات التى تطال يوسف شاهين، ليس فقط حباً فى "جو" ولكن تقديراً وعشقاً للفن، ومحاولة لإعطاء المبدع حقه، ويرى الميهى أن حال شاهين هو حال معظم الفنانين الكبار، الذين يواجهون اعتراضات جمة وهجوماً متواصلاً فلا نستطيع أن ننسى أفلامه "الأرض" و"الناصر صلاح الدين" و"سيدة القطار" و"نساء بلا رجال" و"صراع فى الوادى".
وعن عدم فهم الجمهور لبعض أفلام شاهين، يرى الميهى أن هذه الأفلام قليلة جداً ومعظمها التى يسرد فيها شاهين سيرته الذاتية وهذا من حقه، لأن شاهين مخرج مبدع وفنان ذو إحساس عالٍ
.ماجى الحلوانى عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة، ترى أن الإعلام يتحمل جزءا كبيرا من مسئولية اتهام أفلام شاهين بالغموض، حيث إن بعض النقاد والأقلام تأتى أراؤهم شخصية وبعيدة عن الموضوعية، موضحة أن شاهين لديه رؤية مستقبلية، وبعد عشرات السنين ستصبح أفلامه مفهومة أكثر لدى الجمهور، بدليل فيلم مثل "باب الحديد" الذى يعد حالياً من أهم أفلام السينما المصرية، رغم أنه وقتها لم يلق النجاح الجماهيرى المتوقع.الحلوانى تشير أيضاً إلى وجود الكثير من النقاد التى أشادت بأفلام شاهين، واجمعوا على أنه يمتلك رؤية متقدمة، وبعض أفلامه تخاطب شريحة معينة من المثقفين، ولكن غالبيتها أفلام جيدة وقريبة من الجمهور، ولا ننسى مثلاً أن له أفلاماً كوميدية ورومانسية مثل "صراع فى الوادى"، و"بابا أمين"، و"أنت حبيبى"، وتطرق لتقديم نوعيات مختلفة من الأفلام التى حققت نجاحاً جماهيرياً لا يمكن إغفاله
.الأجدر بنا أن نقول إن أفلام يوسف شاهين تتميز بالعمق، بدلاً من الادعاء بأنها "ليست مفهومة" وشتان بين الوصفين، لأن الوصف الأول يعبر عن أن شاهين تعمق فى نفوس شخصياته الدرامية، وقدم نماذج غريبة وغير مركبة فى بعض أعماله.
محمود التركى - اليوم السابع

No comments: