Sunday, December 30, 2007

د.أحمد عكاشة: الاحتجاجات ستتزايد.. والانفجار قادم

الاحتجاجات ستتزايد في ٢٠٠٨ مع تكرار رسالة الحكومة «اللي يتظاهر ياخد فلوسه.. واللي يسكت ياخد علي قفاه».. هكذا يتنبأ الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة ، أستاذ الطب النفسي ، رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي، ويقول: الشارع المصري في حالة انفلات لكنه سيخلق قيادات جديدة لها القدرة علي أخذ حقها.
ويتفقد عكاشة في حواره مع «المصري اليوم» معالم الحالة النفسية للمصريين، ويحدد عدداً من المستويات لهذه «الصحة»، ويقول إن المصريين محبطون، والقدوة غائبة عنهم وينقصهم القائد القادر علي تحريكهم، وتحريك الانتماء فيهم، مثلما حدث مع قادة المقاومة المصرية الذين واجهوا الاحتلال البريطاني، ومثلما حدث من الالتفاف الشعبي حول عبدالناصر في مقاومته العدوان الإسرائيلي،
ويقول: الرئيس محاط بالوزراء وقادة الحزب الوطني وعدد من المثقفين.. أما الغالبية العظمي من المصريين فمشغولون بلقمة العيش وتأمين حياتهم «بيولوجياً»، ويشيد بالصحافة المستقلة وبعض الفضائيات، لكنه يري أن «العصيان المدني» الذي تحقق في أكثر من مناسبة وموقع علي مدار ٢٠٠٧ هو القادر وحده علي «عض» الحكومة.. و«الوطني».. وإلي نص الحوار
* من خلال رصدك عام ٢٠٠٧ وما حدث فيه من اعتصامات ومظاهرات وتراجع في الأداء الحكومي، ما تحليلك للصحة النفسية للمصريين في هذا العام؟
- أولاً: الصحة النفسية يجب أن نفهمها وفقاً لما أقرته منظمة الصحة التي قالت إن لها ٤ محاور أساسية أولها أن يكون الإنسان علي علم بالتوازن بين قدراته وتطلعاته.

في مصر معظم الوظائف لا يصل إليها الفرد بجهده وعلمه وإصراره، ولكن من خلال شبكات العلاقات الشخصية، ويبدأ ذلك من رئيس الوزراء وينتهي بالخفير النظامي. ينطبق هذا علي اختيار رئيس الجمهورية؟!
- ينطبق علي الجميع، وأنا لي رأي في هذا الموضوع، وقلته في أحد البرامج الرمضانية وتم إلغاء الحلقة بسببه، وهو أن رئاسة الجمهورية مسؤولية ضخمة وتحتاج مهارات غير موجودة عند كثيرين، ومعظم العلماء والمفكرين لا يصلحون لهذا المنصب، والعلم يحتاج إلي شفافية ومصداقية ووضوح في الرؤية، أما السياسة فتحتاج إلي تضليل وعدم المصداقية، وبعض المفكرين يعرفون السياسة بأنها فن تضليل الشعوب،
وهذا التعريف هو نفسه ما توصف به «الديموجاجية»، وسقراط قال: الفضيلة تواكب العلم، ورجال العلم من الصعب جداً عليهم أن يعملوا في السياسة، ولا أتذكر رئيساً عالماً إلا رئيس الهند السابق،الذي اخترع القنبلة النووية، وهو هناك منصب شرفي، وفي مصر أتذكر أن الرئيس مبارك قال ذات مرة: ماذا أفعل «الناس الكويسين» لايريدون المناصب الوزارية.

* نعود للصحة النفسية للمصريين، ومحددات منظمة الصحة العالمية؟
- المحور الثاني لديهم هو أن يكون الإنسان لديه القدرة علي العمل والعطاء، وأقول إن العمل يحتاج إلي تحقيق الانتماء والمواطنة، وهو ما نفتقده في مصر.
وهذان العنصران لدينا خلل فيهما وإلي حد كبير، ونحن نقول دائماً ونردد: إن المصريين مكتئبون، ولكنني أقول: بل هم محبطون ولاينتمون.

* ماذا تعني بذلك، فنحن نردد مفردات الانتماء والمواطنة صباحاً ومساءً؟
- لا، الانتماء غير موجود حتي لحب البقاء في الحياة، الناس في ٢٠٠٧ كانت تفضل الموت انتحاراً وغرقاً في البحر من خلال الهجرة غير الشرعية بالمراكب، التي تصل نسبة الموت فيها إلي ٥٠% عن الحياة، ولكن هنا أطرح التساؤل ثم أجيب عنه.. أما التساؤل فهو: لماذا أقدموا علي الانتحار.. والإجابة: لأنهم يعيشون في قاع هرم تحقيق الذات.
إذا نظرنا إلي مصر سنجد أن غالبية الشعب في القاع يصارعون لتوفير المأكل والمشرب للبقاء علي قيد الحياة، أي أنهم لم يحققوا ولا حتي المطالب البيولوجية الأساسية.

* تحدثت عن الانتماء، وأنه شبه غائب عن المصريين لماذا؟
- السبب الرئيسي هو إحساس الفرد بفقدان حرية التعبير، وحرية الشكوي، أو عدم الانتباه لشكواه، وغياب المساحة للتعبير عن الخلاف مع الآخرين، وللعلم فإن بعض الصحف المستقلة والمعارضة وبعض الفضائيات تقوم بدور مهم في هذا الإطار، ولكنها تظهر غيظ الناس دون أن تغير، فهي «تهوهو» ولا تعض.

* ومن قادر علي العض في مصر؟
- في نظري العض قادم، وقد حدث فعلياً وعلي مراحل من خلال العصيان المدني بالاعتصامات والإضرابات الجزئية التي شهدها ٢٠٠٧.

* نعود لعناصر الصحة النفسية التي بدأنا بها الحوار؟
- الصحة النفسية تعني أيضاً إحساس الفرد بأنه يعطي للأسرة شيئاً بلا مقابل، مثل الأب مع أولاده، والمجتمع ينطبق عليه نفس الموضوع، وأقصد قدرة الفرد علي التمركز حول الآخر وليس حول نفسه فقط، وإذا أمعنت النظر في هذه المحددات ستجد أن الغالبية العظمي من المصريين صحتهم النفسية مختلة، والنتيجة أنه لا إسهامات حقيقية لهم، لأنهم غير قادرين علي العطاء.
والشارع المصري به حالة من الانفلات النفسي، وأقصد أن الغالبية لا يتحكم في سلوكها أي قيم أو قوانين، وذلك مع عدم وجود هيبة لكل مؤسسات الدولة.
وظاهرة غياب الانتماء عند المصريين موجودة في الـ٥٠ عاماً الأخيرة، لكنها زادت علي الحد في الأعوام العشرين الأخيرة، التي تغيرت أخلاق المصري فيها لأسباب كثيرة.
وإذا سألتني عن السبب الرئيسي، وبالأخص عند الشباب، لقلت لك: لعدم وجود القدوة، ولعدم وضوح العقيدة، أو معني الوطن الذي ينبغي أن يكون الولاء له.
والانتماء لا يتحقق إلا بثلاثية محددة وهي: الشفافية، المساءلة والعدل، تبادل السلطة، أما إذا لم يشارك الفرد فيما يحدث داخل بلده، مع غياب الالتزام بالدستور وأحقية الحاكم في أن يتلاعب به كيفما يشاء، فقد المواطن ولاءه وإحساسه بهذا البلد.
وطول البقاء في السلطة مفسدة للقائد حتي لو كان نبياً، فالبقاء في الكرسي يجعل الفرد غير قادر علي الابتكار أو الإبداع، أو التجديد، بل علي العكس يكون كل ما يشغل صاحب الكرسي هو كيفية البقاء في المنصب لأطول فترة ممكنة.

* تحدثت عن الصحافة المستقلة، ماذا عن دور الآخرين؟
- المعارضة والمفكرون والصحافة في أي مجتمع صحي قادرون علي التقييم والنقد، وإعطاء الحلول مع ترك الناس تختار، في المجتمعات الديمقراطية التغيير يأتي هكذا بصناديق الانتخابات وليس بالقوة السياسية والعسكرية.
ولدينا في العالم غير الديمقراطي التغيير الحقيقي لا يأتي إلا بالقوة، ولكن مفكرينا وصحافتنا لا يملكون هذه القوة، ولذلك أقول هم غير قادرين علي «العض»، ولكنني أضيف فأقول وأكرر: الاحتجاج المدني هو «عض» للسلطة، والصمت أحياناً يكون نوعاً من الرفض والاحتجاج.

* الآن، الرئيس مبارك من معه؟
- الأجهزة المسؤولة، الإعلام الرسمي، الجيش، الشرطة، قيادات الحزب الوطني، بعض المثقفين.

* يعني ليس الشعب؟
- الغالبية مطحونة وغير مهتمة، ومازالت تصارع البقاء في قاع الهرم، فهي مشغولة باحتياجاتها البيولوجية.

* ما توقعاتك لحركة الاحتجاجات والمظاهرات في شارع ٢٠٠٨؟
- ستستمر حركة المطالبات من كل نقابة وكل شركة ومن كل الموظفين، الذين يرون أن لهم حقوقاً مسلوبة، وهذه علامة طيبة، والرئيس يشكر عليها، وكان من المستحيل أن يحدث ذلك في عهود سابقة، ولكنني أسأل: لماذا الاستجابة بالقطاعي ولا تتم الاستجابة العامة بتصحيح الأوضاع الخاطئة؟، والنظام الآن وكأنه في انتظار إضراب فئة بعينها مثل الأطباء أو المدرسين أو موظفي الضرائب العقارية ليستجيب لمطالبهم، وكأن هذا معناه «اللي حيعمل إضراب سنعطيه فلوسه.. واللي يسكت حياخد علي قفاه».
في ٢٠٠٨ أيضاً أعتقد أنه ستظهر قيادات جديدة في الشارع، ومن خلال الأقلام ستكون قادرة علي أخذ حقها من الحزب الحاكم، والأخير سيقبل وسيرضخ في النهاية، لأنه ضعيف، ويعرف أنه غير مقبول من الشعب.
وأعود لجمال حمدان وأقول إن ما كتبه عن عدم ثورة المصريين حدث في فترة كان يحس فيها بالدونية وعدم الأمل في المستقبل، ولكن الآن وعندما يجد المصريون القدوة والقيادة سيتغير الأمر.

* الأمن تعامل بشكل مختلف مع مظاهرات واعتصامات الضرائب العقارية وفي شركات الغزل والنسيج، عما كان يمارسه في المظاهرات السياسية، حتي إن بعض المعتصمين هتفوا للأمن الذي حماهم؟
- غالبية رجال الأمن مواطنون ووطنيون، ولكن يوجد لدي قلة منهم أعراض مرض نفسي مثل السادية والتلذذ بإهانة الآخرين، وللحقيقة فإن الإعلام بذل جهداً كبيراً في إصلاح هذه الأمور، بكشفه العديد من قضايا التعذيب والتجاوزات داخل أقسام الشرطة وفي السجون، هذا الأمر خلق صحوة لدي الرأي العام، وتعلم المصري من ذلك أن يرفع صوته عالياً للمطالبة بالعدل.
وأعتقد أن قضية عماد الكبير، سائق الميكروباص، الذي نجح في تحويل قضية تعذيبه وهتك عرضه، إلي قضية كبري انتهت بسجن ضابط شرطة، هي أهم أحداث العام من وجهة نظري.
الصحوة من الإعلام ومن الرأي العام خلقت نوعاً من الرقابة، فالكبار في القاهرة، لا يعلمون بالطبع ما يجري في جنوب الصعيد مثلاً أو في أقصي الشمال، وكثير من القيادات الوسطي في الشرطة تستشعر أنها فراعنة صغار لا رقابة عليها وعلي سلوكها.

* هل سيستمر هذا السلوك النموذجي في ٢٠٠٨ في نظرك، وماذا لو كانت هذه المظاهرات سياسية أو للإخوان المسلمين؟
- عندما يثور الشعب أو يرفض شيئاً ما بشكل جماعي، فنادراً ما تقوم الشرطة بقمع الناس، وأعتقد أن مظاهرة من ١٠٠ ألف أو ٢٠٠ ألف في مصر قادرة علي أن تقلب الدنيا.
ولي تعليق علي سؤالك بشأن «الإخوان»، ولكن بإجابة مختلفة، فأنا أعتقد أن الإخوان نجحوا في جذب أتباعهم بمساعدتهم في توفير المسكن والتعليم وتيسير زواج الشباب، وهذا ما خلق الانتماء للجماعة، وإذا استطاعت الحكومة أن تقوم بهذا الدور مع الجميع، بمن فيهم كوادر الإخوان، فسيتراجع النفوذ الإخواني وتصبح شعبية الجماعة مثل شعبية أي حزب معارض في القاهرة، والانتماء للإخوان الآن أقوي من الانتماء للدولة.

* في كل الأزمات والاحتجاجات التي عاشتها مصر في ٢٠٠٧ كان القول الفصل فيها للرئيس مبارك، ولكن كان تدخله لصالح المواطنين دائماً ما يتم في اللحظات الأخيرة.. لماذا؟
- لا يوجد لدينا مسؤول واحد قادر علي اتخاذ قرار، والدستور، والقوانين، وكل شيء يصب عند الرئيس، وبعض المسؤولين يخشون اتخاذ القرار، وأحياناً يوافقون علي تمرير قرارات معيبة للرئيس وهي في تخصصاتهم، رغم علمهم بتأثيراتها السلبية مستقبلاً.
وأقول إن من يصل إلي كراسي الوزارة، حتي الوزراء أصحاب المليارات يحلمون بالبقاء في كراسيهم إلي الأبد، فأصحاب الثروات يحتاجون القوة والمظهر الاجتماعي الذي يوفره كرسي الوزارة، والرئيس ـ واقعياً هو ـ الذي يعين الوزراء وهذا ينعكس علي العلاقة النفسية بين الجانبين، ولم نجد في مصر وزيراً واحداً قادراً علي مواجهة قرار للرئيس، وليس مطلوباً أن يفهم الرئيس في الطب والسياسة والضرائب والعقارات، وزراؤنا ليس لديهم احترام ذاتي لأنفسهم.

* تحدثت عن العصيان المدني وأنه تحقق عام ٢٠٠٧ من خلال بعض الاعتصامات والإضرابات، فما تعريفك له؟
- معناه ببساطة، أن كل واحد لا يقوم بمهام عمله الوظيفي احتجاجاً علي شيء يرفضه، وقد يكون هذا العصيان المدني جزئياً، وقد يكون عاماً.

* بشكل ما يحدث ذلك في مصر؟
- الاعتصامات هي عصيان مدني، استعدادات الأطباء للإضراب طلباً للكادر عصيان مدني، توقفقم أنتم كصحافة مستقلة عن الإصدار مرة أو مرتين من قبل هو عصيان مدني، وهذه الأمور للأمانة لم تكن لتحدث من قبل، ولكن الصحوة موجودة، ويشكر عليها الرئيس مبارك وليس الحكومة أو الحزب الوطني.
حوار محمد السيد صالح ٣١/١٢/٢٠٠٧
المصرى اليوم

1 comment:

Anonymous said...

Gostei muito desse post e seu blog é muito interessante, vou passar por aqui sempre =) Depois dá uma passada lá no meu site, que é sobre o CresceNet, espero que goste. O endereço dele é http://www.provedorcrescenet.com . Um abraço.