Wednesday, December 05, 2007

رجل شجاع من مصر

لا أعرف المهندس نجيب ساويرس معرفة شخصية ولم تكن لي علاقة بعمله أو بشركاته في يوم ما ولكني أعجبت بهذا الرجل بعدما قرأت تصريحاته للصُحف ولقاءاته على كثير من الفضائيات خلال الثلاثة أعوام السابقة والتي أوضحت كثير من ملامح شخصيته فهو مصري أصيل ابن بلد حقيقي متواضع وذكي وبارع في أعماله وهو ما يفسر استثماراته الناجحة في جميع أنحاء العالم كما أنه رجل لا يخاف أحد وكما يُقال بالبلدي في مصر(صباعه مش تحت ضرس حد) أي أنه ليس من الفئة التي يبتزونها لوجود ما يُشينها أو يُخجلها إذا اُعلن على الملأ مثل كثير من رجال الأعمال.

ومع أن مقولة أن رأس المال جبان صحيحة إلا في حالة هذا المصري الأصيل الذي يعلن بكل شجاعة في كافة تصريحاته ولقاءاته أنه علماني وهو تصريح لا يجرؤ حتى مثقفينا على إعلانه فتجد البعض منهم يعلن أنه ليبرالي أو ديموقراطي ولكن لا يستطيع أحدهم وهو بالفعل يؤمن بالعلمانية أن يجسر على إعلان ذلك بسبب خوفهم من تكفيرهم بعد أن تم بالكذب إقران العلمانية بالكفر على لسان كثير من مشايخنا ورجال السياسة لدينا ولكن يقف هذا المصري الأصيل بكل بساطة ليعلن علمانيته دون خوف أو حساب المكسب والخسارة كما يفعل كثيرين.

وأشد ما أعجبني فيه أنه يرفض مصطلح التسامح الذي يرفعونه دائماً لوصف علاقة المسلم بالمسيحي وهو مصطلح غبي يدل على الغرور والكبر لأن التسامح يكون من القوي للضعيف رحمةً به أو شفقة ولكن علاقتنا جميعاً يجب أن تكون علاقة مساواة ونديّة ومواطنة بالمعنى الحقيقي وليس بالمعنى الحكومي وكان هذا رده على صحفية بالأهرام تكتب تعليقاً منذ شهور على أحد حواراته بأن نجيب ساويرس كوّن ثرواته في ظل تسامح إسلامي فكان رده عليها قوياً بليغاً لرفضه هذا المصطلح الفاشل.

وأخيراً كان تصريحه الأخير عن الحجاب الموجود في الشارع المصري ومع أنه تكرار لِما ذكره من قبل في حوارات كثيرة ولكن هذه المرة لتعليقه على ما ورد في برنامج الإخوان عن رفضهم لتولية القبطي والمرأة لرئاسة الدولة المصرية وإعلانه الواضح والصريح بأن الأقباط لا ينتظرون إذناً من الإخوان لدخولهم السياسة أو لتوليهم المناصب وأن المناصب يتولاها الأكفأ بصرف النظر عن دينه.

وكانت هذه هي الإشارة لبدء حرب إعلامية من الإخوان على ساويرس وشركاته والدعوة لمقاطعته وبالطبع جرى تحريف تصريحاته عن الحجاب ومع إنه أعلن أنه ليس ضد الحجاب ولكن ضد أن ينتشر هذا الزي الأفغاني والإيراني في شوارع مصر،، ولكنهم رفعوا راية التعصب وأن ساويرس القبطي يحارب الحجاب المسلم وركب الموجة بالطبع ذيل الأفعى مصطفى بكري والذي من الطبيعي أن يكره ساويرس كما يكره كل إنسان عقلاني وحِرَفي هذه البلد ونفخ في نيران الفتنة على صفحات جريدته الطائفية كي يقول أن ساويرس يحارب الإسلام بمحطاته الفضائية ويحارب الحجاب ويدعو للعري والإباحية وفي الأهرام التي تدنىَ مستواها للغاية وأصبحت مرتعاً للكراهية والتطرف قرأنا لمن يدعو لمحاسبة ساويرس عن تصريحاته وأن يدفع ثمنها غالياً وهذا بقلم المحرر الاقتصادي للجريدة ويُدعىَ أسامة غيث وغيره كثيرون،، هذا عدا الحملة التي انتشرت بين مواقع المتطرفين على الإنترنت وتدعو لتفجير شركاته واغتياله وأكثرها إعتدالاً تدعو لمقاطعة منتجاته!!!

ومن المؤسف أن تجد الجميع ساكتاً على ما يحدث فلم نقرأ عن تضامن أي مثقفين أو رجال أعمال أو سياسيين مع الرجل والكل نفض يده أمام هذه الوحوش الهمجية!!

وأصر الرجل الشجاع على تصريحاته وأنه لم يُهين رمز إسلامي كما قالوا ولم يستسلم ويرفع الراية كما فعل وزيرالثقافة المصري فاروق حسني من قبل بسبب الحجاب عندما تراجع وأعلن عن تشكيله لجنة في وزارته من المشايخ لمراجعة الأعمال الإبداعية ولكن ساويرس لم يخف ولم يجبن لأنه يعلم أن رأيه هو الرأي الذي يقتنع به ولم يتعدى على دين أحد.

لذا يجب على كل المثقفين المؤمنين بالعلمانية والليبرالية البدء في تدشين حملة لمساندة الرجل في حريته في إبداء رأيه كما يريد دون محاربته في ماله والتحريض على اغتياله وصدقوني لو كان الأمر بيدي ولو كنّا في بلد حُر فعلاً لرشحت هذا الرجل رئيساً لمصر وسأكون أول مَن يعطيه صوته
كتب : أحمد الأسواني
www.horytna.net

No comments: