الاغتيالات البرلمانية ليست فقط الوجه الثالث للحرب الارهابية التي تُشن على لبنان، مثلها مثل حرب نهر البارد والتفجيرات الجوالة في المناطق والأحياء...انها، الى ذلك، عمل انقلابي يهدف الى الاجهاز على دستورية الحكم ، ولعلها الاداة التي يراد منها ان تجعل "العصفورية الدستورية" تنفتح على تغيير في النظام بوسيلة مبتكرة، اسهل من انقلاب عسكري ليس في متناول الحكم غير الشرعي، او ثورة شعبية – لأن ثورة كهذه ستكون فاقدة الشعبية في اساسها.حسابياً،
السيناريو بسيط: يستمر الارهاب، في رعاية "زعيم المعارضة" رئيس الجمهورية الفاقد الشرعية، في اغتيال ما يتيسّر اغتياله من نواب وعدم دعوة الناخبين لاختيار من يخلف النواب الشهداء الى ان تنقلب، أو تتبدّل الموازين النيابية، ويصبح نصاب الثلثين متعذر التأمين وربما مستحيلاً، اذا استمر "التوفيق" بنوابٍ يسهل الغدر بهم بالسيارات المفخخة وما اليها من الوسائل التي يسهل استيرادها وابطالها عبر الحدود السائبة!والمسألة ليست مستحيلة لأن المحكمة الدولية لن تصبح رادعة قبل فترة غير قصيرة... والحبر أحمر بلون الدماء جاهز والاقلام كذلك، وكذلك ورق الفرمانات الشاهانية: على ورقة مرسوم "استقالة" حكومة السنيورة، وعلى ثانية مرسوم تعيين حكومة ممن لم يجر اغتيالهم، وعلى الثالثة مرسوم حل المجلس... وتنقضي مهلة انتخاب خلف للرئيس البطل، فيجري التمديد له بفتوى ما، أو تقوم مقامه الحكومة المستحدثة التي ربما استحدث تعيين نفسه رئيساً لها، ما دامت "العصفورية الدستورية" قائمة وليس ما يمنعها.غير ان ما يجهله فخامته والمتآمرون في ظل حكمه غير الشرعي هو ان الخروج على الشرعية يتسبب بأعمال مماثلة تخرج على الشرعية كذلك... تماماً كما الدم يستسقي الدم، والاغتيالات تستدرج اغتيالات مضادة.... والانقلابات لها منطق تاريخي معروف منذ دخلت الشقيقة الكبرى سوريا في حلقتها المفرغة عام 1949، فصار يحمل كل انقلاب جنين الانقلاب المضاد... فحذار اللعب بالدم و... النار! ... فنفيق ذات يوم لنجد لبنان، قد تحوّلت ديمقراطيته جمهورية اغتيالات، ومآتم، وشهادات، وفي النهاية يشهد الله والحق.
غسان تويني - النهار
ghs@annahar.com.lb
No comments:
Post a Comment