دعت منظمة العفو الدولية أعضاء مجلس الشعب (البرلمان) المصري إلى رفض التعديلات المقترحة على دستور البلاد، والتي وصفتها المنظمة بأنها تمثل أخطر تقويض لضمانات حقوق الإنسان في مصر منذ إعادة فرض حالة الطوارئ في عام 1981.وجاءت دعوة المنظمة بينما يستعد مجلس الشعب لإقرار التعديلات المقترحة على 34 مادة من الدستور، ومن بينها المادة 179، وذلك في جلسته يوم الأحد. ومن شأن تعديل هذه المادة أن يمنح الشرطة سلطات شاملة في القبض على الأشخاص، كما يمنح سلطات واسعة في مراقبة الاتصالات الخاصة، ويتيح لرئيس الجمهورية أن يتجاوز المحاكم العادية ويحيل الأشخاص المشتبه في علاقتهم بالإرهاب إلى محاكم عسكرية ومحاكم خاصة، لن ينالوا فيها محاكمة عادلة على الأرجح.وفي هذا الصدد، قالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن "التعديلات الدستورية المقترحة ليس من شأنها سوى ترسيخ نظام الانتهاكات الذي طال أمده في ظل سلطات الطوارئ، وإضفاء شرعية زائفة على إساءة استخدام هذه السلطات. فبدلاً من إنهاء عمليات الاعتقال السري، و"الإخفاء" القسري، والتعذيب، والمحاكمات الجائرة أمام محاكم الطوارئ والمحاكم العسكرية، يُطلب من أعضاء مجلس الشعب المصري في الوقت الراهن الموافقة على إلغاء الضمانات الدستورية للحماية من مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان".وسوف يؤدي تعديل المادة 179 إلى تمهيد الطريق لإصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب يقوِّض مبدأ حرية الفرد [المادة 41 (1)]، وخصوصية المسكن [المادة 44]، وخصوصية المراسلات والاتصالات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال [المادة 45 (2)]. كما يؤدي التعديل إلى منح رئيس الجمهورية الحق في التدخل في القضاء عن طريق تجاوز المحاكم العادية، بما في ذلك إحالة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم تتعلق بالإرهاب إلى محاكم عسكرية. وفي حالة موافقة مجلس الشعب، فسوف تُطرح التعديلات على المادة 179 وعلى 33 مادة أخرى من الدستور، في استفتاء عام يوم 4 إبريل. وقد أعربت منظمات مصرية غير حكومية ومنظمات أخرى عن القلق العميق بشأن هذه التعديلات وغيرها، بما في ذلك تلك التي تحظر إقامة أحزاب سياسية على أساس ديني وتحد من دور القضاة في الإشراف على الانتخابات والاستفتاءات. ويُنظر إلى التعديلات المتعلقة بإقامة أحزاب سياسية باعتبارها جزءاً من خطة الحكومة لإضعاف جماعة "الإخوان المسلمون" المعارضة، في أعقاب المكاسب التي حققتها الجماعة في انتخابات عام 2005، بينما يُنظر إلى التعديلات الخاصة بدور القضاة باعتبارها محاولةً لمنع تكرار أحداث العام الماضي، عندما أدان اثنان من أبرز القضاة تقاعس الحكومة عن اتخاذ أي إجراء إزاء الأدلة على وقوع أعمال تزوير خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2005. وقد عُرضت التعديلات على أعضاء مجلس الشعب باعتبارها مجموعة واحدة يتعين عليهم التصويت عليها بالموافقة أو الرفض، فلا يحق لهم قبول بعض التعديلات ورفض البعض الآخر أو طرح أي من التعديلات المقترحة لمزيد من النقاش البرلماني.وقالت حسيبة حاج صحراوي "إن منظمة العفو الدولية تقر بالتهديد الذي تواجهه مصر بسبب الإرهاب، ولكنها ترى أنه لا يجوز إهدار الاحترام لحقوق الإنسان الأساسية وحمايتها عن طريق تصويت للأغلبية". ومضت قائلة إن "إقرار هذه التعديلات يعني أن الحكومة سوف تدرج في القانون الدائم بعض سلطات الطوارئ التي استُخدمت في انتهاك حقوق الإنسان طيلة ما يزيد عن عشرين عاماً، بحيث أنها إذا استجابت في نهاية المطاف للانتقادات الدولية وقررت إلغاء حالة الطوارئ، فلن يكون ذلك أكثر من عملية تجميل ليس إلا. وينبغي على مجلس الشعب ألا يوافق تلقائياً على هذا الأمر. ويجب عليه، بدلاً من ذلك، أن يرفض تلك التعديلات وأن يصر على أن تكفل القوانين المصرية على نحو كاف الحقوق العامة الواردة في أحكام القانون الدولي، والتي التزمت بها مصر ولكنها تقاعست بشكل جلي عن تعزيزها".وتعتقد منظمة العفو الدولية أن عملية الإصلاح الدستوري الحالية تُعد فرصة ينبغي اغتنامها من أجل تعزيز الحماية لحقوق الإنسان على نحو أكبر ووضع حد لممارسات الماضي. كما يجب ألا يُدرج أي من أحكام قانون الطوارئ في مواد القانون الجديد، أو أن تُوفر له الحماية بموجب الدستور. خلفيةينص التعديل المقترح للمادة 179 على ما يلي:"تعمل الدولة علي حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب، وينظم القانون أحكاماً خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة تلك الأخطار، وذلك تحت رقابة من القضاء، وبحيث لا يحول دون تطبيق تلك الأحكام الإجراءُ المنصوص عليه في كل من الفقرة الأولى من المادة 51 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور. "ولرئيس الجمهورية أن يُحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلى أية جهة قضاء منصوص عليها في الدستور أو القانون".
No comments:
Post a Comment