Friday, March 28, 2008

حملة علي الإنترنت تعلن ٦ أبريل إضراباً عن العمل.. «لحد ما مصر تتغير»

أزمة طوابير العيش وسوء التعليم وضعف المرتبات وارتفاع الأسعار والزحام والإضراب والاعتصامات كلها أسباب دفعت مجموعة من الشباب علي اختلاف انتماءاتهم السياسية إلي تكوين رابطة علي موقع «الفيس بوك» يعلنون خلالها ٦ أبريل يوما للإضراب الرسمي ودعوا طوائف الشعب المختلفة إلي عدم الخروج من البيت في ذلك اليوم ليغيروا مصر بأنفسهم.
تحت عنوان «إضراب يوم ٦ أبريل في مصر» انطلقت الحملة الجديدة لتحث كل القوي الوطنية علي الإضراب العام وتصدرت الصفحة الأولي للرابطة هذا البيان:
«خليك قاعد في البيت أو شاركنا في الميادين العامة، أوعي تنزل لكن شاركنا.. ماتروحش الشغل، الجامعة، المدرسة، المحل، الصيدلية، القسم، المعسكر.. عايزين مرتبات تعيشنا، عايزين نشتغل نعلم أولادنا، عايزين مواصلات آدمية ومستشفيات تعالجنا ودواء لأطفالنا، عايزين قضاء منصف وأمن وأمان وحرية وكرامة،
عايزين شقق للعرسان، مش عايزين رفع أسعار ولا محسوبية ولا ضباط بلطجية ولا تعذيب في الأقسام، مش عايزين إتاوات ولا فساد ورشاوي واعتقالات وتلفيق قضايا، قول لأصحابك ما يروحوش الشغل همه كمان وخليهم يدخلوا الإضراب
(حزب العمل المصري- حركة كفاية- الإخوان المسلمين- حزب الكرامة- حزب الوسط- حركة موظفي الضرائب العقارية- عمال غزل المحلة- حركة إداريي وعمال القطاع التعليمي- نقابة المحامين- حركة أساتذة الجامعات).
وطلب أعضاء الرابطة- وعددهم حتي أمس ٨٢٩- من كل من يقرأ بيانهم إرساله إلي خمسة من أصدقائه وكل واحد من الخمسة يرسله إلي خمسة آخرين وفي ظرف يومين البلد كلها حتعرف.
كتب هبة حسنين ٢٨/٣/٢٠٠٨
المصرى اليوم

Thursday, March 20, 2008

Tibetans dispute official claim of no riot deaths


KANGDING, China (Reuters) - Tibetans in China's tense southwestern province of Sichuan on Friday said they believed several people had been killed in anti-Chinese riots there this week, disputing official claims that none died.
China's official Xinhua news agency reported overnight that police shot and wounded four protesters this week in a heavily ethnic Tibetan part of the province, where protests broke out after anti-Chinese riots in neighboring Tibet a week ago.
The unrest has alarmed China, keen to look its best in the run-up to the August 8-24 Olympic Games in Beijing when it hopes to show the world that it has arrived as a world power.
Tensions remain high in Tibet, Sichuan and other neighboring areas where the government has poured in troops.
Kangding, a heavily Tibetan town in Sichuan and a gateway to the restive region, was crowded with troops, some on patrol, some loudly practicing martial arts moves in the town square.
Students at the local Tibetan-language school were locked in unless they had special permission to leave. Drivers said they were unwilling to travel into tense mountain towns.
"I'm in this to make money, but no matter how much you pay me I won't go that way," one Kangding driver said.
Two residents of Aba prefecture, where rioting began on Sunday, told Reuters they believed several died when police fired on protesters attacking officials and state buildings.
"Everyone here believes that our people died, maybe 10 or more," said one ethnic Tibetan resident.
"I'm not a supporter of violence and I oppose attacking people just because they're Han," he said, referring to the country's majority Han Chinese population.
"I'M SURE PEOPLE DIED"
Another Tibetan man said he hid in his home during the riot.
"I'm sure people died. We all know," he said in a brief telephone conversation. "We don't dare go out. They are arresting many people after what happened."
Both men asked not to be named, fearing punishment for talking to reporters. Other residents refused to say anything.
Troops and anti-riot police have set up roadblocks and are keeping out foreigners.
"With all the troops that have gone up there, it's under control now. They have tried for all those years to gain independence and failed. So it won't happen. Not now -- it's impossible," said Ran Hongkui, a Chinese shopkeeper on the road between Kangding and Chengdu where convoy after convoy of armed police has passed.
Radio Free Asia, a U.S.-funded broadcaster, said on Thursday up to 2,000 Buddhist monks and laypeople continued to protest in Huangnan Prefecture, Sichuan. The report could not be verified.
Authorities said they had arrested dozens of people involved in the Tibet protests.
More than 170 rioters have handed themselves in, the report said, offering a phone number for locals to inform on suspected protesters in return for secrecy and rewards.
State-run Tibet television continued to show footage of last week's riots, including scenes of maroon-robed monks hurling rocks at police, protesters kicking in shop fronts and plumes of black smoke from burned-out cars in the local capital Lhasa.
Its newsreaders echoed the central government insistence that the violence was orchestrated by exiled Tibetan leader, the Dalai Lama, and his "Dalai clique" to agitate for independence and embarrass Beijing ahead of the Olympic Games.
The 72-year-old monk, who fled Tibet in 1959, says he is against the violence, only wants greater autonomy for his homeland and is willing to travel to Beijing for talks.
The Chinese press never gives the Dalai Lama sympathetic treatment, but has recently intensified its vilification of the Nobel Peace Prize winner.
The Tibet Daily called him "a faithful tool of Western anti-China forces, the general source of social chaos in Tibet".
And in a commentary the previous day, it wrote: "Since defecting abroad, the Dalai clique and its hangers-on have... never given up on hoping to restore their corrupt, dissolute theocracy and their privileges as feudal rulers and serf masters."
China's response to the rioting has triggered international criticism and some calls to boycott the Games opening ceremony.
In a phone call with Chinese counterpart Yang Jiechi, U.S. Secretary of State Condoleezza Rice urged China to show restraint towards protesters. Yang told her the Dalai Lama, the exiled Tibetan Buddhist leader, was to blame for the riots.
"They attempted to exert pressure on the Chinese government, disturb the 2008 Beijing Olympics and sabotage China's social stability and harmony," Xinhua quoted him as saying.
China says 13 "innocent civilians" died in anti-Chinese riots last week in Tibet's capital, Lhasa, after police broke up earlier peaceful protests led by monks. Exiled Tibetans say as many as 100 Tibetans have died


By John Ruwitch

(Additional reporting by Chris Buckley and Lindsay Beck in Beijing; Editing by David Fox)

الصين تعترف بإطلاق النار على متظاهري التيبت

ذكرت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" أن الشرطة الصينية اعترفت للمرة الأولى بأن رجالها أطلقوا النيران على المتظاهرين في الجزء التيبيتي من مقاطعة شيشوان.
وهذه هي المرة الأولى التي تقر فيها الصين بجرح أي شخص منذ المظاهرات المناهضة للحكومة والتي اندلعت في التيبت الأسبوع الماضي.
وقالت وكالة الأنباء إن الشرطة فتحت النار في مقاطعة آبا، وهو نفس المكان الذي قال ناشطون إن 8 أشخاص قتلوا فيه خلال الاحتجاجات بالقرب من معبد كيرتي.
ونشر الناشطون صورا لجثث عليها آثار الإصابة بالرصاص.
وكانت الحكومة الصينية قد أعلنت أن 13 شخصا قد قتلوا خلال الاحتجاجات، وقالت إنهم جميعا أبرياء قتلوا على يد "مثيري الشغب" في عاصمة إقليم التيبت لاسا.
فيما أعلنت حكومة التيبت في المنفى أن 99 شخصا قد قتلوا حتى الآن، منهم 80 في لاسا، واتهمت قوات الأمن الصينية بإطلاق النيران على المتظاهرين.
واعترفت الحكومة الصينية صباح الخميس لأول مرة أن الاحتجاجات كانت قد امتدت خارج منطقة الحكم الذاتي في التيبت، إلى المقاطعات المجاورة جنوبي غربي الصين حيث تعيش أعداد كبيرة من التيبتيين

ونقلت وكالة الأنباء عن مصادر للشرطة قولها إن أفراد الشرطة فتحوا النار "دفاعا عن النفس" خلال الاضطرابات في آبا، بالقرب من حدود مقاطعة شيشوان مع مقاطعة كوينغاي، وجرحوا 4 منهم.
وذكر تقرير سابق أن الشرطة قد قتلت أربعة متظاهرين، إلا أنه سرعان ما تم تصحيحه.
فيما نشر مركز التيبت لحقوق الإنسان والديمقراطية أوائل الأسبوع صورا لجثث عليها آثار إطلاق الرصاص، والتي قالت إنها ناجمة عن إطلاق الشرطة النار عشوائيا على المتظاهرين.
وقال المركز إن كثيرين من المتظاهرين كانوا رهبانا انضموا للآلاف من المطالبين باستقلال التيبت وعودة الدلاي لاما، وإن الشرطة نشرت قواتها حول المعبد
وتقول شيرون تشان محررة الشؤون الصينية في بي بي سي إن الأوضاع في أجزاء من غربي الصين متوترة للغاية حيث عززت الإجراءات الأمنية واعتقل العديدون.
وتدفقت حاملات الجنود إلى مناطق التيبت، حيث شوهد يوم الأربعاء وحده 400 عربة من هذه الحاملات كما تقول مراسلة بي بي سي.
وقد فرضت السلطات الصينية قيودا على وسائل الإعلام الغربية التي كانت تحاول تغطية الاضطرابات. وقال صحفي ألماني طرد من لاسا الأسبوع الماضي إن قوات الأمن أبلغته أنه الصحفي الأجنبي الأخير في المدينة.
وكان الدلاي لاما ـ الزعيم الروحي للتيبت ـ قد كرر استعداده لقاء الرئيس الصيني هيو حينتاو إذا ما تلقى "إشارات محددة" بما يمكن ان تعرضه الحكومة الصينية.
إلا أن المسؤولين الصينيين قد اتهموه مرارا بتنظيم الاحتجاجات من مقره في مدينة دارامسلا الهندية، ووصفته وزارة الخارجية يوم الخميس بالـ "الانفصالي
بى بى سى

انتخاب فهميدا ميرزا أول امرأة لرئاسة البرلمان الباكستاني




انتخب البرلمان الباكستاني اليوم فهميدا ميرزا عضوة حزب الشعب الباكستاني رئيسة له وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد.
وفازت فهميدا وهي طبيبة وسيدة أعمال بتأييد 249 نائبا من بين 324 في الاقتراع الذي جرى بالمجلس الوطني.
وفور إعلان نتيجة الاقتراع قوبلت فهميدا ( 51 عاما) بترحيب حار من النواب ثم أدت اليمين على الفور لتدشن مرحلة جديدة في حياتها السياسية.
وقد اكدت رئيسة البرلمان الباكستاني في كلمتها عقب اليمين عزمها على حماية المصالح العليا للشعب الباكستاني ومعاملة جميع النواب على قدم المساواة.
كما وجهت تحية لذكرى زعيمة حزب الشعب الراحلة بينظير بوتو وقالت إنها كانت ترغب في أن تتولى امرأة رئاسة البرلمان الباكستاني.
وقالت فهميدا إن اغتيال بوتو في ديسمبر/ كانون الأول الماضي كان حافزا لإحياء الديمقراطية لتبدأ البلاد في كتابة فصل جديد في تاريخها.
ولفهميدا باع طويل في الحياة النيابية فقد احتفظت للمرة الثالثة على التوالي بمقعدها في البرلمان.
وكان طبيعيا أن تتصدر قائمة الترشيحات لمنصب رئيس البرلمان بعد تصدر حزب الشعب نتائج الانتخابات التي جرت في 18 فبراير/ شباط الماضي.
وقالت فهميدا في تصريحاتها للصحفيين قبل بدء الجلسة" أعتقد أن الوقت حان لنتعاون جميعا في مواجهة التحديات التي تواجه البلاد".
و أضافت " أنا متأكدة من اننا سنواجه هذه التحديات بدعم نوابنا وشعبنا والإعلام الباكستاني".
وبعد انتخاب فهميدا يستعد حزب الشعب لإعلان تشكيلة الحكومة الائتلافية مع حزب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف.
ومن المعضلات التي قد تؤجل إعلان الحكومة الاتفاق بين الحزبين على تسمية رئيس للوزراء.
لكن تبقى المحصلة في النهاية تمتع الحزبين بتأييد أكثر من ثلثي نواب البرلمان ، ويرى مراقبون في ذلك دليلا على أن الرئيس برفيز مشرف بدأ في التخلي عن سيطرته على مقاليد الأمور لصالح حكومة ديمقراطية منتخبة
رويترز

أطباء بلا حقوق ......... حركة احتجاج جديدة في مصر


تزايدت في الآونة الأخيرة بمصر الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية حيث تشهد البلاد موجة غلاء لم يقابلها ارتفاع في مستوى الأجور.
حركة "اطباء بلا حقوق" التي تقودها الدكتورة منى مينا هي مظهر جديد لهذه الاحتجاجات فهي تنشط للمطالبة بزيادة أجور الأطباء العاملين بالمستشفيات والمراكز الصحية الحكومية.
من الصعب ان تخطىء العين الدكتورة السافرة والنحيلة الجسم وسط الاطباء المتظاهرين في العاصمة المصرية القاهرة وهي تحمل فوق رأسها لافتة احتجاج على درج مبنى نقابة الاطباء.
تحمل الدكتورة منى وزملاؤها لافتة كتب عليها "230 جنيها مصريا في الشهر لا يكفي لاطعام اسرنا" وهو متوسط أجر الطبيب في المستشفى الحكومي في مصر وهو ما يعادل 50 دولارا امريكيا.
وقد شهدت مصر مؤخرا ارتفاعا حادا في اسعار الاغذية فقد ارتفع سعر الدواجن باكثر من 40 بالمائة خلال الاشهر الثلاثة الماضية بينما تضاعفت أسعار وسائل المواصلات وتكاليف استهلاك الكهرباء والغاز والمياه خلال اقل من عام
في ضوء ذلك يشهد المجتمع المصري انحسار وتآكل الطبقات الوسطى بوتيرة متسارعة لتنضم أعداد كبيرة من ابناء هذه الطبقة الى الفئات الفقيرة في مصر

ان منظر رجال الشرطة سواء بالزي العسكري أو المدني من فوق مبنى نقابة الاطباء وهم يراقبون الاطباء المتظاهرين امر مؤثر.
فهم يشعرون بالملل وهم ينقلون المعلومات عن التظاهرة الى مسؤولي الامن عبر اجهزة الهواتف النقالة.
وكنت قد شاهدت سابقا كيف تصدى رجال الامن للمتظاهرين سابقا بشكل وحشى مستخدمين الهراوات ضد النشطاء المطالبين بالديمقراطية. وقد تعلم المتظاهرون عدم مقاومة الاعتقال بغية تفادي التعرض للضرب في الشارع رغم انهم يقرون ان الضرب في مراكز الشرطة قاس جدا.
وعندما سألت الدكتورة منى مينا ان كانت تشعر بالقلق من وجود عناصر الامن اثناء التظاهرة ردت ضاحكة "لا ابدا لانني من كثرة ما نلتقي بهم اصبحنا مثل الاصدقاء
خلال 25 عاما من حكم الرئيس حسني مبارك اكتسبت الحكومات المصرية خبرة جيدة في السيطرة على المعارضة السياسية في مصر.
فالأحزاب السياسية المعارضة والمعترف بها رسميا تعاني انقسامات وصراعات داخلية مثل الصراع على زعامة حزب الوفد.
ومازال مؤسس حزب الغد و منافس الرئيس مبارك في انتخابات عام 2005 أيمن نور مسجون رغم تدهور صحته بينما حزبه يعاني من صراعات داخلية.
اما حركة الاخوان المسلمين التي تعتبر اهم قوى المعارضة فتتبع معها الحكومة سياسة الاعتقال حيث شنت مؤخرا حملة اعتقالات في صفوفها قبيل الانتخابات المحلية الشهر المقبل.
لكن الحكومة كانت اقل نجاحا في التعامل مع حركات الاحتجاج المهنية مثل إضربات عمال النسيج .
كما بدأ الموظفون ينظمون صفوفهم وشهدت البلاد مؤخرا اعتصاما لموظفي إدارة الضرائب العقارية انتهة باستجابة وزير المالية يوسف بطرس غالي لمطالبهم
ومع بطء استجابة الحكومة لمطالبهم برفع الأجور بدأ الأطباء لذين يحظون بمكانية متميزة في المجتمع المصري تصعيد حركة احتجاجهم لتشهد إضرابات عن العمل.
ومع اكتساب حركة أطباء بلا حقوق مزيدا من الزخم بدأت الحكومة تشعر بالقلق من هذه التحركات مما حدا برئيس الحكومة الى الاعلان ان الاضراب في القطاعات الاساسية للدولة يعتبر امرا غير قانونيا.
ولقد فوجئت الدكتورة منى مينا بموقف مسؤولي نقابة الاطباء الذين اتخذوا موقفا ضد تحركهم بينما كانوا يقفون الى جانبهم سابقا مما اجبر الحركة على التراجع
وبعد انتهاء التظاهرة قلت لمنى مينا "لقد كسبت الحكومة المعركة" فردت بتحد" لقد كسبت الحكومة هذه الجولة فقط والمعركة مستمرة ولن نتراجع".
وما يثير الاهتمام ان هذه الحركة تتزعمها امرأة قبطية وعندما سألتها ان كان ذلك يتسبب لها بمشاكل في مجتمع اغلبيته مسملون، تدخلت طبيية مسلمة شابة ومحجبة وقالت "انا طبيية مسلمة من منطقة السويس واتيت الى القاهرة اليوم للمشاركة في التظاهرة والدكتورة منى تمثلنا جميعا، مسلمين ومسيحيين، رجالا ونساء".
واضافت الطبيبة الشابة "ان الدكتورة منى مصدر الهام لي وهي التي دفعتنا جميعا للتحرك" وبينما نحن نتحدث اعتذرت منى عن متابعة الحديث عندما تجمع حولنا عدد من الاطباء الذين كانوا ينتظرون توجيهات الدكتورة مني مينا
بيل لو
مراسل بي بي سي

Friday, March 14, 2008

رشدي سعيد: النيل لا يستوعب أي حصص إضافية من المياه

حذر الدكتور رشدي سعيد من التجاوزات التي تحدث يومياً علي شاطئ النيل من تلوث وإهدار لمياهه، وقال في الندوة التي نظمها منتدي المشاركة الوطنية بأسقفية الشباب إن مستقبل النيل حالياً مظلم لأن النيل الذي نراه الآن نهر اصطناعي، قمنا بتحديده ببناء السد العالي وسدود أخري، أما نهر النيل القديم فكان يفيض في الصيف ويغرق سهل الفيضان كل عام، حاملاً مياه الخصوبة من مرتفعات إثيوبيا إلي أرض مصر، وكانت الزراعة في مصر مزدهرة.
وأوضح الدكتور سعيد أن مصر لا يمكنها الحصول علي حصص إضافية من المياه، لأننا حددنا كمياتها ببناء السد العالي والسدود الأخري، وقال إن أي زيادة في معدل تدفق المياه سيتم إهداره في مفيض توشكي، لأن النهر بوضعه الحالي لن يستوعبها، وأي كلام عن زيادة حصتنا من المياه لا يمكن تنفيذه علي أرض الواقع، وليس له أساس علمي، وعلينا التعايش والتصرف في حدود كميات المياه المتاحة حالياً، من خلال ترشيد المياه واستخدام طرق حديثة للري.
وقال الدكتور سعيد إن كثيراً من الذين يديرون شؤون مصر يعتقدون أن البناء علي الأراضي الزراعية ليس بالأمر الخطير، وأن الزراعة في الصحراء أفضل، لأنها تحتاج مياهاً أقل، وهذا غير صحيح، لأن هناك مسحاًَ تم للصحراء المصرية والأراضي القابلة للزراعة فيها، وتبين أنها لا تزيد علي مليون ونصف المليون فدان في شرق وغرب الدلتا، إضافة إلي أن البناء علي الأرض الزراعية الخصبة يجعلها غير صالحة للسكن، حيث يتراكم الصرف الصحي تحتها وتحتاج مياه الشرب إلي تكرير خاص وهي عملية صعبة.
وفي إشارة إلي مشروع «ممر التنمية»، الذي اقترحه الدكتور فاروق الباز ووافقت عليه الحكومة قال الدكتور سعيد إن المشروع تم عرضه من قبل علي مجموعة من الخبراء والعلماء، كان هو أحدهم، ولم يوافق عليه أحد، لأن المشروع فكرته مبنية علي عمل طريق من العلمين إلي توشكي، ومعه خط سكة حديد، وأنبوب مياه من توشكي وحتي الشمال، بالإضافة لطرق عرضية تصل بين مدن صعيد مصر والصحراء الغربية،
وهي فكرة لتجربة أمريكية غير قابلة للتنفيذ في مصر، لأن التعمير في أمريكا حدث حول الطرق التي بجانبها أراض بكر، بينما الوضع مختلف في مصر، حيث لا توجد مصانع أو أراض زراعية لجذب الناس، والوضع معكوس عندنا، بمعني أننا نحتاج أولاً إلي خلق صناعة في الصحراء وبعدها تأتي الطرق.
ويضرب مثلاً بالطرق التي تتخلل الصحراء الغربية، بينما لا يوجد حولها سكان أو أنشطة تعميرية، ويري أن الدولة يجب أن تشجع النشاط الصناعي والزراعي أولاً، ثم تمد الطرق للمساهمة في حركة التعمير، ويقول الدكتور رشدي سعيد إنه تقدم منذ ١٢ عاماً بمشروع لمجلس الشعب لعمل صناعات جديدة في الصحراء المصرية لتخفيض كثافة السكان بمنطقة وادي النيل، لكنه ذهب دون جدوي
كتب مادلين نادر ١٤/٣/٢٠٠٨
المصرى اليوم

Thursday, March 13, 2008

باحث بريطاني يرصد "الجهل الأوروبي" بمصر في كتاب صدر قبل 90 عاما

القاهرة (رويترز) - في كتاب يترجم للعربية لأول مرة رغم صدوره قبل 90 عاما يكتب الباحث البريطاني اس.اتش. ليدر بمودة عن المصريين وبخاصة المسيحيون منتقدا الرؤية "الاستشراقية" لرحالة أوروبيين يتهمهم بالاساءة إلى المصريين نتيجة الجهل.
ففي في كتابه (أبناء الفراعنة المحدثون) يضرب ليدر المثل على ذلك بما كتبه الباحث والرحالة البريطاني ادوارد وليام لين (1801-1876) الذي أطلق على نفسه اسم "الشيخ منصور" ووضع كتابا عنوانه (المصريون المحدثون.. عاداتهم وتقاليدهم) ويعد علامة على طريق تعريف الغرباء بحياة المصريين في القرن التاسع عشر.
ويقول ليدر الذي يعرف نفسه كبريطاني مسيحي ان "أي قدر من التحامل المرضي على الاقباط الذي يميز موقف الكثير من الانجليز في مصر منشؤه عمل لين (كتابه الشهير) الذي يرجع اليه كل من يرغب في الحصول على معلومات عن الشعب المصري.. وبذلك لا تكون هناك فرصة كبيرة لمعالجة الجهل الانجليزي الذي لا حد له بهؤلاء الناس."
وحملت الترجمة العربية لكتاب ليدر عنوانا فرعيا هو (دراسة لاخلاق أقباط مصر وعاداتهم) وتقع في 379 صفحة كبيرة القطع وتصدره يوم السبت (دار الشروق) في القاهرة.
ويضم الكتاب صورا فوتوغرافية تعود الى بداية القرن العشرين وتسجل طبيعة الحياة في الريف في مواسم الحصاد وغيرها وصورا لبعض الاديرة والكنائس وسرادق "أحد أروع الافراح القبطية" في مدينة أسيوط بالصعيد وصورا لرهبان وكهنة وفلاحين وفلاحات وبدو وأصحاب حرف تقليدية وأسواق شعبية اضافة الى صورة للمؤلف بالزي التلقيدي انذاك وهو الجلباب والعمامة.
وقال المترجم المصري أحمد محمود في المقدمة انه تحمس لترجمة هذا الكتاب - الذي كان مقررا أن يصدر عام 1914 لكن قيام الحرب العالمية الاولى أجل نشره الى عام 1918- بسبب أهمية الفترة التاريخية التي يتناولها المؤلف حيث "لم تكن هناك تلك الحساسية الملحوظة حاليا بين المسلمين والمسيحيين".
كما قدم محمود في الهوامش شرحا لبعض المصطلحات والقضايا مثل "اللغة القبطية" لكنه تعامل مع قضية اللغة كأنها ربما تخص منتجا ثقافيا مسيحيا في مصر وليست خليطا من اللغة المصرية القديمة واللغة اليونانية بعد غزو الاسكندر الاكبر للبلاد.
ويرى المؤرخ عزيز سوريال عطية (1899-1988) في كتابه (تاريخ المسيحية الشرقية) الذي ترجم للعربية في الاونة الاخيرة أن اللغة القبطية "هي اخر الصيغ للغة المصرية القديمة التي اتخذت كتابتها أشكالا مختلفة بدءا بالهيروغليفية ومرورا على الهيراطيقية وانتهاء بالديموطيقية.. أول نص مصري معروف بهذه اللغة الوليدة قد سجل قبل مولد السيد المسيح بقرن ونصف."
وكان عطية أستاذا لتاريخ العصور الوسطى بكلية الاداب بجامعة الاسكندرية وجامعات بريطانية وألمانية وأمريكية كما شغل منصب مدير معهد الدراسات القبطية بالقاهرة.
أما مصطلح "الاقباط" فارتبط بالمسيحيين المصريين ولكن مفكرين مصريين يرون أنه غير دقيق تماما لان كلمة "القبطي" تعني المصري أيا كانت ديانته فالقبط في رأي كثير من الباحثين دلالة على الجنسية لا الديانة. وكان اليونانيون يشيرون بكلمة ايجبتوس الى مصر ونهر النيل معا.
ويضرب ليدر في كتابه أمثلة لما يراه جهلا أوروبيا بمصر ومسيحييها قائلا ان القديس فرنسيس الاسيزي مؤسس طائفة الفرنسيسكان لم يكن يعلم "حين انضم الى الحملة الصليبية السادسة المتجهة الى مصر في عام 1218 بوجود الكنيسة المصرية. وبعد قرون عديدة لم يشك قط الرحالة الانجليزي العظيم بروس -الذي تنقل بين مصر والحبشة وتلقى أكبر مساعدة من موظف في الدولة كان قبطيا- أن لمؤسسة مثل الكنيسة وجود. وكان جهل ادوارد لين بالاقباط وظلم توصيفه لهم يقوم على أدلة ضئيلة جدا."
ويقول المؤلف ان المسيحيين المصريين يشكون "من الاحتقار الذي تعاملهم به الطبقات الرسمية الانجليزية" وان اساءة بالغة لحقت بهم تحت الاحتلال البريطاني الذي بدأ عام 1882 وان الكتاب والباحثين البريطانيين لم يتحروا الدقة فيما كتبوه عن المسيحيين اذ "هم في الواقع من ألحق بهم أكبر الاذى.. لم يخفقوا في مساعدة القضية القبطية فحسب بل أعاقوها" حيث لا يحظى المسيحيون في مصر الا بجهد "تافه أو مضلل" من هؤلاء الباحثين.
ويرى أن البريطانيين تبنوا منذ احتلالهم مصر "موقفا يتسم بعدم الثقة تجاه الاقباط وهو موقف لا يختلف عما يشعرون به تجاه اليهود في أوروبا."
ويقول ان الفرنسيين كانوا أكثر قدرة على فهم المصريين من البريطانيين.
ويضيف أن سلوك الكنيسة البريطانية في مصر يعيد الى الاذهان ما يصفه بزمن الكراهية المسيحية الموروثة بين الشرق والغرب.
ويدلل على ذلك قائلا ان الجمعية الانجليزية -التي تسعى باسم الكنيسة الانجيلية الى تقدم المسيحية في مصر- بدأت عملها باعلان "رفض التسامح مع هرطقة الاقباط المدمرة للنفس" مضيفا أن بطريرك الاقباط لم يكن في يوم من الايام ممن يسعون الى اكتساب حظوة لدى البريطانيين من أي طبقة.
ويقول ان البطريرك القادم من دير في الصحراء الغربية "يفضل الخضوع للسلطات المصرية على الخضوع لسلطات المعتمد البريطاني".
ويشدد على أن "تاريخ الصدع" بين المسيحي والمسلم في مصر يعود الى الاحتلال البريطاني "فالطائفتان ليست بينهما عداوة فطرية أو متأصلة وهو ما أثبته التاريخ.. ولم يحصل القبطي من الانجليز على شيء من خلال الصدع."
ويسجل شهادة المعتمد البريطاني في مصر اللورد كرومر متسائلا.. "ماذا كان حكم اللورد كرومر عندما انتهت مدة خدمته كأعظم حاكم شهدته مصر (من قبل الاحتلال).. لقد قال في كتابه (مصر المعاصرة) ان الفرق الوحيد بين القبطي والمسلم أن الاول مصري يتعبد في الكنيسة بينما الثاني مصري يتعبد في المسجد."
ويقول المؤلف ان المصريين "شعب واحد وموحَّد.. المسلمون والاقباط أحفاد شعب مصر الذي عاش قبل سبعة الاف عام" ويشتركان في تقديس وحب الاولياء والقديسين من كلا الطرفين. كما يسجل أنه رأى كنائس بناها المسلمون ومسجدا أنشأه "صاحب أطيان قبطي قبل الاحتلال بعام أو عامين" وأنه وجد تلاميذ مسلمين في المدارس العلمانية القبطية كما "لا يفكر أحد في استبعاد الاطفال الاقباط من المدارس المشابهة التي بناها مسلمون".

من سعد القرش
رويترز

Wednesday, March 12, 2008

راهب الرواية العربية بهاء طاهر الفائز بجائزة «البوكر» العربية: التاريخ في «واحة الغروب» نقطة انطلاق واستغرقت مني ٤ سنوات

يمكن وصف الروائي والقاص بهاء طاهر بأنه راهب الرواية المعاصرة. الذي ينقطع لعمله الروائي، بتجرد، وإخلاص، مراهنا علي محبة القارئ إيمانا بأن الإبداع فعل تنويري، ومعرفي، وإن كره الظلاميون.. يكتب بلا افتعال، ولا انفعال قابل للزوال.. يكتب بعشق، ورصانة وبقلق علي الوطن، والناس، والواقع، والمستقبل،..
فالكتابة لديه فعل مشوب بالقلق في إبداعاته. ونقف في صياغاته الروائية علي رصد للتحولات السياسية، والاجتماعية وتجلياتها علي علاقة المثقف بواقعه من جانب، وبالسلطة من جانب آخر، وأيضاً علي علاقتنا الملتبسة بالآخر، ويمكن القول إن الرواية لديه التزام، ورسالة، وفن ودور، ومراجعة للذات، والواقع، والضمير الجمعي.. الأهم أن بهاء طاهر واحد من أبرز المجددين في السرد العربي، وهو «ابن زمانه» ومكانه وخطابه وتاريخه، ورغم يقينه بمأزق النخبة، فإنه لم يفقد الثقة في الثقافة والإبداع كفعل تنويري، فالثقافة لديه مرادف للفعل والتغيير والحرية والوعي.
وكان قد تم إعلان فوز بهاء طاهر بجائزة بوكر «للرواية العربية»، أمس الأول الاثنين بروايته «واحة المغيب»، والمعروف أن هذه الجائزة قد تأسست في بريطانيا عام ١٩٦٨، لأدباء بريطانيا والدول الأسكندنافية وأيرلندا وقد تم تأسيس فرع عربي لها في الإمارات، لتشجيع الترجمة والإبداع العربي علي أن تقوم دور النشر بترشيح المتقدمين للجائزة وقد تقدم للجائزة في هذه الدورة ١٣١ عملاً من ١٨ دولة تم اختيار ستة عشر عملاً من سوريا ولبنان ومصر والأردن وفاز بهاء بالجائزة التي رأت في روايته «واحة المغيب»، عملاً روائياً نوعياً بالمعني الجمالي والقيمي وقد اعتمد المؤلف علي مجاز الرحلة التي ترصد الأزمة الروحية لإنسان مهزوم وتبلغ قيمة الجائزة خمسين ألف دولار، فيما حصل كل من المرشحين الستة علي عشرة آلاف دولار.
تدور أحداث الرواية الأحدث لبهاء طاهر «واحة المغيب» في نهايات القرن التاسع عشر في أعقاب فشل «هوجة عرابي» وكانت «واحة سيوة» هي مسرح أحداثها، حيث تم نقل محمود عبدالظاهر مأمورا للقسم هناك وهو ممتلئ بوهم بطولي لعبه في ثورة عرابي ولذلك فقد كان يري في نقله إلي سيوة عقابا علي هذا الدور البطولي، ويطرح العمل أسئلة تواجه الذات والواقع وتراجع القناعات السياسية والوجودية.
بهاء طاهر من مواليد ١٩٣٥ لأسرة صعيدية، لكنه لم يعش في الصعيد، ولذلك فهو لا يعتبر نفسه صعيديا خالصا فقد أمضي عاما واحدا في «الكتاب»، ثم التحق بالتعليم الإلزامي والتحق بعدها بالمدرسة السعيدية وحصل منها علي التوجيهية، ثم التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة وحصل علي ليسانس الآداب قسم التاريخ عام ١٩٥٦ وحصل بعدها علي دبلومة عليا في الدراسات الإعلامية، وعمل مخرجا ومعدا بالبرنامج الثقافي الذي كان من مؤسسيه عام ١٩٥٧ وشغل موقع نائب المدير حتي عام ١٩٧٥، إذ تم إيقافه عن العمل في عهد السادات وعمل في فرع الأمم المتحدة في جنيف في المدة من ١٩٨١ وحتي عام ١٩٩٥ وشغل موقعا في مجلس إدارة اتحاد الكتاب، ولكنه استقال منه، وأحدثت استقالته دويا كبيرا،
وهو عضو بالمجلس الأعلي للثقافة وحصل علي جائزة الدولة التقديرية عام ١٩٩٧ ومن أشهر أعماله «الخطوبة» و«بالأمس حلمت بك» و«أنا الملك جئت» و«خالتي صفية والدير» و«الحب في المنفي» و«نقطة النور» وحديثا «واحة المغيب»، كما كانت له بدايات مسرحية وترجمات كان من أشهرها «السيميائي» لباولو كويلهو والتي حملت عنوان «ساحر الصحراء»، فضلا عن كتاباته النقدية وكتابيه «في مديح الرواية» و«أبناء رفاعة».

* «واحة الغروب» هي التجربة الأولي لك التي تستلهم التاريخ؟
- هي تجربة جديدة علي مسيرتي، وهي تستلهم من التاريخ لأنني التزمت في كتابتها بالتاريخ حرفياً، عن حدث وقع في واحة سيوة عام ١٨٩٧، عن مأمور قسم الواحة واسمه «محمود عزمي»، وطوال أحداث الرواية أحاول أتلمس تحليلاً لهذه الشخصية الأساسية التي اسميتها «محمود عبدالظاهر»، بعد أن تم نقله للواحة بعد مشاركته في ثورة عرابي، وتأثير ذلك عليه وعلي زوجته الأجنبية، وكيف تطورت علاقته بالواحة وسكانها في ذلك الوقت، فهي رواية -كما قلت- جديدة بالنسبة لي، إذ لم أكتب رواية ذات طابع تاريخي في حياتي، خصوصاً أن كل جزء منها جاء مروياً علي لسان شخصية مختلفة، فضلاً عن محاولتي تلخيص الكثير من تجاربي التي عشتها في هذه الرواية، وكتابتها استغرقت مني أربع سنوات، والتاريخ فيها نقطة انطلاق، أما المتن فهو العمل الروائي نفسه والأفكار الحامل لها.

* كنت أول من قدم «باولو كويلهو» للقارئ العربي عبر ترجمتك «السيميائي» وما يلفت النظر وجود أوجه للشبه بين عمله «السيميائي» وعملك؟
ـ حين قرأت رواية كويلهو أعجبتني، وقلت في مقدمة الطبعة الثالثة للترجمة إن الأسئلة التي طرحتها في الطبعة الأولي مازالت مطروحة إلي الآن مثل لماذا أحدثت هذه الرواية ضجة، وكيف لاقت إقبالا مماثلا بين أكثر من بلد مثل إيران واليابان والهند وفرنسا ومصر، ولماذا لاقت نفس الاهتمام من هذه الثقافات المختلفة، بالرغم من اختلافها، فهي في الحقيقة رواية جيدة، لكنها ليست عظيمة ولا يمكن وضعها في نفس مصاف الروايات العالمية الخالدة مثل أعمال «ديكنز» أو «ديستويفسكي»، ولا أخفيك القول إنني لم أقف علي إجابة واضحة لهذا السؤال وربما غموض السبب هو سر هذا الرواج.

* لكن يدهشنا وجود أوجه للشبه بين هذه الرواية وبين «أنا الملك جئت»؟
ـ هذا أمر غريب أيضا، الروايتان تدوران حول فكرة البحث، لكن الفارق بينهما أن بطل روايته قادم من الغرب للشرق، وبطل روايتي ذاهب من الشرق للغرب، وأتفق معك بشأن وجود أوجه للشبه غريبة جداً وصلت إلي حد تشابه العبارات، ولكنني نشرت روايتي قبله بثلاث سنوات، وهذا أمر محير.

* ربما قرأ روايتك قبل أن يكتب؟
ـ هذا أمر مستبعد فلم تكن روايتي قد ترجمت بعد لأي لغة، لكن هذه الظاهرة نجدها في الأدب العربي، حيث الحافر علي الحافر، إذ تجد كاتبين يكتبان حول نفس الفكرة دون اتفاق.

* إلي أي حد أثرت النشأة الصعيدية فيما تناولته في «خالتي صفية والدير» ألم يكن البيت في هذه الرواية هو بيت العائلة؟
ـ أنا عمري ما عشت في الصعيد، إنما البيت هو بيت شقيقتي الكبري رحمة الله عليها، إذ كنت أداوم علي زيارتها في الإجازات الصيفية، والحديقة التي اشتراها والدي كانت تقع إلي جوار هذا البيت، وذكريات الطفولة في هذه القرية حاضرة في مخيلتي بكل وضوح، وأثناء كتابتي هذه الرواية كنت أفاجأ بأشياء غريبة جدا بما في ذلك بعض التعبيرات والمصطلحات الصعيدية، رغم أنني كتبتها وأنا في سويسرا، وفوجئت بهذه التعبيرات تقفز إلي الذاكرة بعد أربعين عاما، فهناك أشياء من الطفولة تظل محفورة بداخلك، وأنا مندهش جدا حينما أجد بعض النقاد يربطون بين بعض أعمالي، ونشأتي الصعيدية، رغم أنني لم أعش في الصعيد نهائيا.

* تلقيت تعليمك في المدرسة السعيدية التي تخرج فيها الكثير من المشاهير في كل المجالات، هل يمكن القول أن بذور الوعي السياسي تشكلت في هذه الفترة؟ وما الذي تعلمته في السعيدية؟ خصوصاً إن تلك الفترة شهدت غلياناً سياسياً في مصر؟
ـ تعلمت فيها كل شيء، وأنت تعيدني إلي سيرة والدي رحمة الله عليه، فقد كان عضواً في التنظيم السري لثورة ١٩١٩م، وعندما ألغي هذا التنظيم غضب والدي جدا من حزب الوفد، وكانت ميولي وفدية لكنني لم أكن أجرؤ علي أن أصرح بهذا أمامه.

* بمناسبة قمع المظاهرات وضرب المتظاهرين ما الفارق بين أساليب مواجهة النظام للمظاهرات قديماً وحديثاً؟
- ما كنا نتعرض له قديماً «مايجيش حاجة» بالمقارنة لما يحدث الآن، فقديماً كانت بلوكات النظام تحاصر المظاهرة، وهم مجموعة من الجنود الغلابة ومعهم شوم ودروع، وربما تتعرض للشومة أو لا تتعرض، أما الآن فهم يواجهون المظاهرات بالكاراتيه، وأفراد مندسين وسط المتظاهرين، كنا نشعر بطمأنينة في ظل حكومات الوفد، وحينما قامت الثورة، لم تكن هذه الروح سائدة، وأذكر أن أول مظاهرة خرجنا فيها كانت تهتف «يسقط حكم البكباشية» وكنا في السنة الجامعية الأولي وبدلاً من بلوكات النظام في مواجهة الطلبة، جاء البوليس الحربي وأذكر أننا اعتصمنا ذات مرة في القاعة الكبري لجامعة القاهرة عام ٥٣ أو ٥٤ فحوصرنا وتلقينا تهديدات عنيفة.

* معني هذا أن الناس لم يكونوا متحمسين للثورة في بداية عهدها؟
- بالنسبة لي شخصياً بدأ الحماس للثورة مع تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي، لم أكن أطيق أحداً يهاجم عبد الناصر في تلك الفترة، لكننا عدنا لانتقاده بعد العدوان، حيث كانت هناك ممارسات للثورة تدعو للانتقاد مثل المحاكمات العسكرية والممارسات الأمنية.

* منذ متي بالضبط وصف بهاء طاهر بأنه ناصري؟
- بعد وفاة عبد الناصر، لم أكن منضماً لأي من تنظيمات الثورة الاشتراكية، حتي إن بتوع التنظيم الطليعي كانوا يكتبون في التقارير.

* وكيف عرفت هذا؟
- اطلعني أحد الموظفين الإداريين في الإذاعة في ذلك الوقت، علي تقرير مكتوب ضدي.

* من كتبه؟
- لم يرني اسم كاتب التقرير.

* وكيف كان تأثير هذه التقارير علي موقفك الوظيفي في البرنامج الثقافي؟
- جاء شخص من جهاز أمني يحقق مع البرنامج الثقافي كله وليس معي فقط، وقال: إنه تلقي شكاوي ضدنا ولم يقل لنا من هم أصحاب هذه الشكاوي.

* قلت إنك أصبحت ناصرياً بعد وفاة عبد الناصر فهل لأنك قمت بمراجعة أفكارك المتعلقة بعهد عبد الناصر، وبعدها قدمت كشف حساب لعهده؟
- هذا صحيح فضلاً عن أنني أحسست أكثر بعبد الناصر حينما مررت بتجربة أخري، وهي عهد السادات، ورغم جو الخوف في العهد الناصري الذي عبرت عنه في قصة «شتاء الخوف»، لكن مع التقدم في السن والخبرة وتأمل تجارب أخري ومع القراءة المستفيضة، أصبحت لا أحكم علي زعيم سياسي من خلال عمل واحد قام به، وإنما بمجمل مواقف وأفعال، وعبد الناصر له الكثير من الايجابيات التي لايمكن انكارها، فهو الذي أنجز الإصلاح الزراعي، وهو الذي أخرج الإنجليز من مصر وهو الذي أسس القطاع العام وأيضاً السد العالي، وهذه انجازات لا يمكن إنكارها وكانت موضع حماس وترحيب منا جميعا، ولكن أيضاً كانت هناك اعتقالات غير مبررة، هذا غير الطامة الكبري المتمثلة في نكسة ١٩٦٧م.

* هل زعزعت النكسة إيمانك بعبد الناصر، وهل مثلت إجهاضاً للحلم الثوري بالنسبة للمثقفين والنخبة، ألم تحدث هزة وخللاً بداخلك؟
- احدثت هزة وخللاً نعم، لكنها لم تزعزع إيماننا بالحلم الثوري أو بعبد الناصر، بل كان الشعور العام أن البلد وقع ولابد أن يقف مرة أخري، فكان كل واحد يقوم بما يستطيع القيام به، ولم نفقد الأمل في البلد ولا في الثورة ولا في عبد الناصر، فلم يكن رد الفعل هو رفض عبد الناصر أو مرحلته، بل دفعتنا الهزيمة إلي الالتفاف حوله علي نحو أكثر مما سبق، وكأنما كان عبد الناصر ممثلاً ورمزاً لراية مصر، التي لا يمكن أن تسقط أو تنكس، حتي وإن لم ننس الأخطاء والخطايا، فلقد شعرت بأن كارثة حطت علي مصر ويتعين علينا إخراجها منها أولاً ثم «نتحاسب»، وحتي عبدالناصر نفسه كان يعلم ذلك وكانت لديه نفس القناعة.

* هل معني هذا أنك خرجت في المظاهرات التي طالبت عبد الناصر بعدم التنحي والبقاء في موقعه؟
- نعم.. وسأحكي لك قصة هذا اليوم المشهود، فقد كنت أسكن في وسط البلد في شارع سليمان، وكان معي راديو «ترانزستور»، وسمعته وهو يلقي بيانه الذي أعلن فيه تنحيه، فإذ بي أصرخ قائلاً «لا» ونزلت سلم العمارة بسرعة.. فإذا بي أجد العمارة كلها تفعل مثلما أفعل، وظللنا نمشي حتي باب الحديد، ووجدنا هناك «أمة لا إله إلا اللّه» ولم استطع استكمال المظاهرة، ولم تكن المسألة متعلقة بشخص عبد الناصر بقدر ما كانت متعلقة بالبلد الذي حطت عليه الكارثة، لكن عبد الناصر كان قد مات قبل الحساب، ومع ذلك لم نفقد إيماننا بالمنطلقات السياسية، بمكتسبات وتطلعات الثورة،وما حرصت علي تحقيقه من اقتصاد وطني وعدالة اجتماعية، وحق الفقراء في نصيب من ثروات البلد والتعليم المجاني لغير القادرين، فضلاً عن مقاومة الاستعمار ودعم حركات التحرر العربية، ولا أظن أنني فيما بقي لي من عمر سأفقد إيماني بهذه المعتقدات أو أتشكك أو أشكك فيها.

* هذه كانت ملامح إيجابية كثيرة تميزت بها الفترة الناصرية، وأنت قلت إنه عهد لم يكن خالياً تماماً من السلبيات، فماذا إذا قارنا هذه السلبيات بسلبيات العصر الحالي، أعني عصر مبارك، وكيف كنت تقيم العصر الذي نعيشه؟
ـ قيمته مائة مرة فيما كتبته من مقالات

* فلتذكر بعضاً منه؟
ـ أهم ملامح هذا العهد أننا فقدنا استقلالنا الوطني، وغرقنا في قضية التبعية، وتآكلت فكرة العدالة الاجتماعية وذابت، وأصبح هناك استقطاب من قلة تملك كل شيء، وأغلبية لا تملك أي شيء، ومجانية التعليم أصبحت وهماً، واستشري الفقر، وغابت فكرة التقرب بين الطبقات، فلم يعد هناك وجه للمقارنة بين عهد الثورة في نقائه الأول والعهد الذي نعيش فيه، وإذا زعم أحد أنه كان هناك «تكويش» من قبل بعض الضباط في عهد الثورة، فلا وجه للمقارنة مع ما يحدث الآن من فساد مستشر، وهذه الدرجة «من التغول» جعلتنا غير قادرين علي تصنيف النظام الحالي، إذا كان رأسمالياً أو اشتراكياً فهو نظام حكم الأثرياء.

* لكن هناك حرية بالمقارنة بما سبق، فلم يكن بإمكان أحد أن يهتف ضد حاكم ويقول له «كفاية» أو «يسقط» فلان أو تصل الصحافة إلي سقف غير مسبوق من حرية نقد النظام ذاته؟
- هي حرية «النباح»، وحتي هذه الحرية يواجهونها بـ«الكاراتيه» و«الكلاب البوليسية»، وكل هذه الحرية والهتاف «الضد» لا أهمية له عند النظام، بل يصب في مصلحة النظام، وعد إلي سؤالك وتأمله، إذ إنك وصفت هذا العهد بأنه عهد حرية، وهذا منتهي الخطورة، وأذكر مقولة لإسماعيل المهدوي، كتبها ذات يوم في «الأهال» إذ قال إن حرية الكلام بدون حرية فعل ستصيب الناس بالإحباط، حتي إنه سيكون ظاهرة عامة، يصاب شعب بأكمله بالإحباط.. النظام يقول: «اشتم زي ما انت عاوز»..
لكن حينما يخرج نحو عشرين شخصاً في مظاهرة لحركة كفاية في ميدان سليمان باشا تجدهم محاصرين بعشر سيارات أمن مركزي علي الأقل.. وهذا أخطر بكثير من حظر القول والفعل معاً، سأعدد جملة من الأمور، منها انهيار التعليم، واستشراء الفساد، واتجاه البلد للتوريث، والتبعية السياسية وغياب البحث العلمي، والتخطيط المستقبلي بعيد المهدي، وانهيار البنية الأساسية وتردي العلاج واستشراء الأمراض، والتخبط الاقتصادي، وغياب الرقابة، وانهيار الثقافة، وغياب دور مصر الريادي والمحوري، والحكم البوليسي، وغيره من التفاصيل الأخري التي لا نعرف أين ستؤدي بنا
.
* وأين النخبة من هذا، وأين دورهم التاريخي في التواصل مع الناس وتوعيتهم وقيادتهم باعتبار النخبة ممثلي الضمير الجماعي الوطني؟
- لا يستطيع المثقفون عمل شيء.. هم يرشدون إلي الطريق فقط، وأعتقد أن المثقفين يقومون بأدوارهم، واقرأ صحف المعارضة واقرأ مثلاً مقالات فهمي هويدي في صحيفة قومية.. وأنا شديد الإيمان بالشعب المصري، ودراساتي في التاريخ تقول إنه لا يمكن التكهن بردود فعل الشعب، وحين تبدو لك الأمور علي ما يرام، وأن الأمن مستتب يقوم الشعب المصري «بقومة» مفاجئة وعارمة، وارجع لثورة ١٩١٩، التي لم تسبقها أي إرهاصات واضحة، نحن شعب عاش ستة آلاف عام من المحن المتتالية لكنه تجاوزها.

* حينما كنت تعمل في الإذاعة ترجمت نصوصاً مسرحية، وأخرجت نصوصاً أخري، كما كتبت ثلاث مسرحيات قصيرة، وكان المسرح علي هذا هو الأسبق في مسيرتك الكتابية قبل القصة القصيرة والرواية، فلماذا لم تواصل العطاء في مجال المسرح؟
- كل ما كتبته هو مسرحيتان قصيرتان وغيرهما لم ينشر، لكن لماذا لم أستمر في كتابة المسرح؟ لم أفكر في هذا الأمر، كل ما أعرفه وأذكره أنني اتجهت لكتابة القصة القصيرة بفضل الزخم الذي حققه العظيم يوسف إدريس، وكانت القصة القصيرة آنذاك هي الفن الذي التقط ذبذبة العصر وكانت الأكثر تعبيراً. وكان يوسف إدريس قد حقق هيبة ومكانة للقصة القصيرة، وبسبب هذا اتجه معظم أبناء جيلي، وربما الأجيال التالية علي جيلنا، إلي كتابة القصة القصيرة، ذلك الجنس الأدبي الذي حقق له يوسف إدريس جاذبية كبيرة. وكانت القصص التي نكتبها تلقي صدي.
وأذكر مثلاً أن أول قصة نشرتها، كتب لها يوسف إدريس المقدمة في مجلة «الكاتب»، وكان يصدرها أحمد عباس صالح، وعلق عليها أكثر من شخص، من بينهم شخص لم ألتقه في حياتي اسمه «عاشور عليش»، إذ وصفها بأنها قصة جديدة، وحينما قرأتها في ندوة في الجمعية الأدبية المصرية، حضر عدد كبير من الناس مثل الناقد الكبير عبدالقادر القط، فكانت كل هذه «الدوشة» وهذا الاحتفاء لصدور قصة قصيرة، وقديماً كان هناك مناخ ثقافي شديد الخصوبة، الآن ممكن أن تصدر رواية ولا يكتب أحد عنها حرفاً.

* وأين يكمن الخلل في تصورك فيما يحدث الآن.. هل نعيش إحباطاً عاماً؟
- نعم.. جو الفساد في المنظومتين الإعلامية والثقافية معاً، اختلت فيه القيم وانقلبت المعايير، وأصبح أي «حد بيفك الخط» هو كاتب كبير، لقد انقلب سلم القيم رأساً علي عقب تماماً، مثلما انقلب في الاقتصاد والمجتمع والتعليم.. لقد انقلب الحال في كل شيء، ولم يعد من المأمول أن ينصلح حال الثقافة، إلا إذا انصلح حال المجتمع.

* بعد فترة انتعاش وإغواء القصة القصيرة جاء الانتعاش الروائي، فهل يمكن تفسير هذا وفقاً للمقولة النقدية للدكتور جابر عصفور بأن «هذا زمن الرواية لأنها استطاعت التقاط ذبذبة العصر، وأنها الفن الأقدر علي التعبير عن الكتل البشرية المتحركة التي لا يربط بينها رابط إنساني»؟
- قرأت هذا الكتاب للدكتور جابر، وهو الذي يحمل عنوان «زمن الرواية»، بل شاركت في مناقشته، وفي تصوري أن هناك جانباً غير صحيح وآخر صحيحاً، أما الجانب الصحيح فإن هناك إقبالاً كبيراً علي كتابة الرواية، حتي إنها شكلت إغواء لبعض الشعراء الشباب، ولكن الجانب غير الصحيح أنه لا يمكن للفن الروائي بمفرده أن يعبر عن عصر ما، حيث لا يمكن أن ينفرد فن بالطاقة التعبيرية عن عصر من العصور، فلابد أن يكون هناك حضور مماثل للمسرح والشعر والنقد، ولذلك أنا أتوقع أنه إذا لم ينصلح حال المجتمع، فسيصيب الرواية ما أصاب غيرها.

* نعم هناك زخم روائي، لكن ما الرواية أو الروايات الفارقة التي تميز بها عصرنا الحالي، وهل عدم شعورنا بوجود مثل هذه الروايات يعود لخلل نقدي أيضاً؟
- هناك روايات عظيمة جداً وروائيون كبار بالفعل، ولكن لم يعد هناك تلك النزاهة والمناخ الثقافي العام، الذي تواجد منذ الرافعي وحتي منتصف الستينيات. أما عن حركة النقد فهي مظلومة أيضاً، فلدينا نقاد ممتازون، لكن أين المنابر التي يمكنها استيعاب كتاباتهم، والإجابة: لا توجد منابر.
هذا جانب، أما عن الجانب الآخر فهل يتم منح الناقد الحيز الذي يتيح له أن يعبر عن رأيه، بصرف النظر عن مواقفه السياسية، وعلاقاته الاجتماعية بالمسؤولين عن الثقافة، لو كان هذا موجوداً سينصلح الخلل الموجود، فهناك من همش النقاد الحقيقيين، وأخرج نقاداً زائفين، وهمش الأدب الحقيقي في مقابل إبراز الأدب الموالي للسلطة، فهناك خلل عام.

* في منتصف السبعينيات أوقفت عن العمل في الإذاعة، وسافرت للعمل في الأمم المتحدة بـ«جنيف» وبعد زوال عهد المنع لماذا لم تعد لعملك في الإذاعة مرة أخري؟
- سأحكي لك حكاية ربما أحكيها للمرة الأولي، وهي أنني أثناء عملي في الأمم المتحدة كنت أعود للقاهرة في الإجازات، وألتقي أصدقائي في الإذاعة، فالتقيت فهمي عمر وكان آنذاك رئيساً للإذاعة، فقال لي: ألا تفكر في العودة للإذاعة؟ فرحت بالاقتراح، فإذا به يقول لي: أنا سألت خمسة أجهزة أمنية، إذا كان لها اعتراضات علي عودتك للعمل في الإذاعة فنفت، ولم يكن هناك اعتراض أمني علي هذا، فقلت له إنني سأقدم استقالتي في الأمم المتحدة لأعود للعمل في الإذاعة لكن يلزمني أن أخطر الأمم المتحدة قبل استقالتي بستة أشهر وفق المعمول به، فقال لي: «قوي قوي.. أنا حجزت لك موقع في الإذاعة».. وعند انتهاء إجازتي ذهبت لأودعه قبل السفر لجنيف فإذا به يقول لي: يا أخي إنت مش محتاج تعمل قرشين لولادك..
فاندهشت وسألته ما الذي استجد في الأمر؟ فقال لي: سأقول لك حينما أخرج علي المعاش، وبعد مرور الوقت أحيل فهمي عمر للمعاش، وقابلني في معرض الكتاب، فقلت له: يمكنك الآن أن تقول لي ما لم يمكنك قوله من قبل، فقال: هناك شخصية مهمة في الإعلام قال له: ده بيعمل إيه هناك.. يقعد في بيته ويقبض مرتبه.. ومايجيش الإذاعة، ففهمت أن المسألة أكبر من أن تكون مسألة أمن، ولن أقول لك من تكون هذه الشخصية، لكن ما أذكره أن سياسة التجويع هذه كانت متبعة آنذاك، وقد نجحوا في هذا مع كثيرين.. لكن أنا بقي صعيدي ومخي قفل.

* وما قصة إيقافك عن العمل في الإذاعة؟
- خطاب لنقل نائب مدير البرنامج الثاني - والذي هو أنا- رئيساً لمراقبة البرامج الأوروبية، في حين لا توجد وظيفة بهذا الاسم أساساً وهذا معناه «اقعد في بيتكم» وليس هذا فحسب، فقد كان نصف دخل كل موظف هو ما يكتبه للإذاعة، وهو الأمر الذي جعل من قرار النقل كارثة كبري، بالإضافة إلي منعي من الكتابة للخارج.
كتب ماهر حسن ١٢/٣/٢٠٠٨
المصرى اليوم

Wednesday, March 05, 2008

التدخل الرئاسي لحل أزمة الحضري يثير الجدل حول أولويات القيادة

أثار تدخل الرئيس مبارك شخصياً في أزمة احتراف عصام الحضري، حارس مرمي المنتخب القومي لكرة القدم، جدلاً كبيراً، بسبب كونها السابقة الأولي التي تحظي فيها مشكلة رياضية بهذا الاهتمام السياسي والرسمي رفيع المستوي.
فجر احتفاء الصحف القومية بالخبر، وإبرازه في الصفحات الأولي، جدلاً أشد حول دور الصحافة وأولوياتها في مجتمع يعج بالأزمات والمشاكل، الأمر الذي اعتبره مراقبون استفزازاً لا مبرر له لمشاعر الناس.
قال الكاتب أسامة أنور عكاشة: «هناك أكثر من ١٠٠ مشكلة في مصر تحتاج اهتمام الدولة والصحافة، أكثر من المنتخب والحضري».
وأضاف: «لا أريد أن أخلط الأمور ببعضها، ولكن هذه مفارقة أن يقوم الرئيس بالتدخل شخصياً في أزمة (الحضري)، ويدعو سمير زاهر لحل مشكلة احترافه، في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب المصري لمشاكل عديدة أهمها (قوت يومه)».
وقال عكاشة: «هناك مفارقة أخري هي حبس نواب مجلس الشعب في مقر البرلمان، حتي لا يسيروا في مظاهرة إلي قصر عابدين، احتجاجاً علي أحداث غزة، في اليوم نفسه الذي استضافت فيه الرئاسة الرياضيين لتكريمهم».
واعتبر عكاشة وضع صور التكريم بجوار صور القتلي الفلسطينيين في الصحف «مشهداً مأساوياً»، وتساءل ساخراً: «هل هذه اهتمامات دولة لها وضع ودور إقليمي كبير؟!»، مؤكداً في الوقت نفسه أن ما يحدث في فلسطين مسؤولية العرب جميعاً، وليس مصر بمفردها.
وأكدت الدكتور إيناس أبويوسف، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أنه يجب علي الإعلامي أن يكون ذا حس عالٍ، ومسؤولية اجتماعية، لافتة إلي أنه علي الرغم من أن للحضري أهمية كبيرة لدي الناس، فإن إلهاء الناس بقضية مثل قضيته، يجعل هناك فجوة بين ما يحدث علي الساحة والمخاطر التي تهددهم بشكل أو بآخر.
وقالت إنه في ظل التحديات الداخلية والخارجية، لم تحسم قضية طابور العيش وقضية غزة، حتي تكون قضية الحضري في مانشيتات الصحف القومية، معبرة عن أسفها من تصدر قضية الحضري الصفحات الأولي، والتي كان يجب أن تكون في صفحات الرياضة.
كتب وفاء بكري وهدي رشوان ٥/٣/٢٠٠٨

الرصاص والمولوتوف والسكين في معارك الخبز فى مصر

في العامية المصرية يسمى الخبز "عَيشا" ويمثل "رغيف العيش" مكونا اساسيا في وجبات المصريين المختلفة، فلا غنى عنه مع وجبة الفول والطعمية فى الصباح، ومع الخضار والارز او المكرونة بعد الظهر، ومع البصارة او العدس فى ليل الشتاء البارد، او كلقمة "ودن القطة" مع الملوخية فى الربيع والصيف.
فى مصر، وحتى وقت قريب، كان رغيف العيش الطعام الوحيد الذى يمكن ان تملأ به معدة طفل دون شكوى من تكلفة مرتفعة، اذا كنت من اسرة غير ميسورة الحال. كذلك كان عدد محدود من ساندوتشات العيش البلدي بالباذنجان المقلي او"المسقعة" او الفول اوالبطاطس، تكفى لاخماد جوع عامل او موظف محدود الدخل يتنقل بين اكثر من عمل اثناء النهار او الليل، من دون عبء اضافي كبير
قبل نحو ربع قرن تقريبا، كان المصريون فى الحضر وفي عواصم الاقاليم فقط يعتمدون على المخابز التجارية فى الحصول على احتياجاتهم من الخبر البلدى، في حين كان الميسورون فقط هم من يقبلون على الخبز " الافرنجي " او " الفينو".
وكان بقية المصريين فى الريف يخبزون الدقيق فى افرانهم المنزلية مستغلين القمح الذى يحصدونه من حقولهم.
وكان من معايير اختيار الزوجة حتى وقت قريب مهارتها في صنع الخبز، وجلوسها القرفصاء لفترة طويلة امام فوهة الفرن البلدى الثابت المصنوع من الطين والذى كان يعمل بالقش والحطب، قبل ان يحل الفرن المعدنى المتنقل الذى يعمل بواسطة اسطوانات الغاز.
لكن القرية المصرية لم تعد كما كانت. فمع تسلل نمط الحياة الحضرية الى الريف، تخلت القرية عن اولويات كثيرة ومنها زراعة القمح، وبات ابناء الريف أعضاء دائمين فى طوابير طويلة تصطف امام نوافذ المخابز للحصول على " رغيف العيش ".
وهكذا انضمت ملايين الاسرة الريفية الى قائمة من ينتظرون الخبز المدعوم من الدولة
فى بداية ثمانينات القرن الماضى، كان التلميذ يشترى رغيف الخبر بـ "قرش صاغ" ويهرس بداخله قرصي فلافل بـ " خمسين مليما "، ويتناول هذه الوجبة البسيطة اثناء "الفسحة" منتصف اليوم الدراسى.
الان صارت نفس الوجبة تساوى جنيها ويزيد ( الجنيه يتكون من مئة قرش، والدولار الامريكيى يساوى 5.60 جنيهات)، ما يعنى ارتفاعا بنسبة مئة ضعف فى السعر خلال ثلاثين عاما.
وبطبيعة الحال، لم ترتفع الاجور او الرواتب بنفس النسبة خلال نفس الفترة.
وفي العادة، تحتاج الاسرة المصرية المتألفة من ستة افراد الى نحو ثلاثين رغيفا يوميا لسد رمقها من الخبز فقط في ثلاث وجبات يوميا.
ويترواح سعر رغيف الخبز غير المدعم متوسط الحجم حاليا ما بين 25 و 50 قرشا ، في حين يُباع الرغيف المدعوم بخمسة قروش.
وقد ادى ذلك الى تكدس المستهلكين امام افران الخبر، وفي بعض الاحيان يضم الطابور الواحد امام بعض المخابز اكثر من خمسين او ستين شخصا، معظمهم من ربات البيوت، ويستمر الحال لساعتين او اكثر للحصول على 15 او 20 رغيفا.
بعض هؤلاء السيدات يذهبن الى المخبز فى الرابعة فجرا لحجز مكان متقدم فى الطابور، اى قبل بدء عمل المخبز بثلاث او اربع ساعات تقريبا
في اسبوع واحد فقط كتبت الصحف المصرية عن اكثر من حادثة متعلقة بطوابير العيش.
فى منطقة حلوان، جنوب القاهرة، قتل شخصا واصيب 14 اخرين فى تجدد خلافات قديمة بين عائلتين عندما تشاجر اثنان من ابناء العائلتين امام مخبز لخلاف على اولوية الوقوف في طابور العيش.
فى حادثة مشابهة فى قرية برنشت جنوب الجيزة، تشاجر صبيان من عائلتين مختلفتين لنفس السبب، فتطور الامر الى مواجهة بالعصى والشوم والسكاكين، جرى احتواؤها من قبل الشرطة قبل حدوث كارثة.
واتفق الخصمان على شرط جزائي بعشرات الاف من الجنيهات لمنع التعدي مستقبلا.
فى حادثة ثالثة، عثرت الشرطة فى حي الدقى الراقي بالجيزة على عشرات من زجاجات المولوتوف الحارقة كانت معدة للاستخدام من قبل مجموعة من الافراد ضد مجموعة اخرى بسبب الخلاف على الخبز.
ولكن اعتذار المجموعة الثانية في الوقت المناسب دفع المجموعة الاولى الى ترك الزجاجات فى الشارع امام بعض السفارات الهامة.
حادثة رابعة، مشاجرة بين نجل صاحب احد المخابز واحد الزبائن حول كمية الخبز المباعة تعدى فيها الاول على الثانى ومزق ملابسه ، تؤدي فى النهاية الى حكم عرفي بقيام ابن صاحب المخبز بتوصيل الخبز مجانا الى الطرف المتضرر لمدة شهر امام سكان البلدة.
هذا بالاضافة الى عشرات المشاجرات اليومية التى يجرى احتواؤها بشكل او اخر والاحتجاجات المتكررة التى تنظمها قوى المعارضة للتنديد بارتفاع اسعار السلع وعدم توافر رغيف الجبز المدعم.
وتحذر هذه الاحتجاجات من انفجار جماهيري فى حال استمرار الوضع على حاله مذكرين بما حدث فى مصر قبل ثلاثين عاما عندما خرج الناس الى الشوارع في مظاهرات شهدت حوادث حرق وسلب ردا على ارتفاع الاسعار
تحاول الحكومة المصرية من جانبها ضمان توزيع عادل للخبز واختبرت اكثر من اسلوب في هذا الاتجاه.
في بعض المحافظات، يجرى فصل انتاج الخبز عن التوزيع وتوصيل عدد معين من الارغفة لكل اسرة يوميا مقابل اجر رمزي.
لكن التجربة لم تعمم فى بقية المحافظات خاصة القاهرة والجيزة واللتين تضمان نحو ثلث سكان مصر تقريبا.
وتستورد مصر التى كانت تصدر القمح الى اوربا وغيرها حتى منتصف القرن المنصرم، القمح من جهات مختلفة اهمها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا.
وتعد مصر واحدة من اكثر دول العالم استيرادا للقمح باجمالى نحو 6 ملايين طن سنويا.
وفي مستهل مارس/اذار الجارى، تعاقدت مصر لشراء 125 الف طن من القمح الامريكى والروسي ، يتم توريدها خلال الفترة من منتصف ابريل / نيسان الى منتصف مايو/ ايار القادمين.
واتفقت مصر أيضا على صفقة مشابهة مع فرنسا، بحسب بيانات الهيئة العامة للسلع التموينية فى مصر.
وتحذر تقارير صحفية من آن لاخر من تقلص مخزون الاحتياطى الاستراتيجي من القمح للحد الذى ينذر بازمة شديدة.
ومع وصول تعداد مصر الى نحو 76 مليون نسمة بحسب احدث التعدادات الرسمية، وتضاعف اسعار القمح عالميا، قررت الحكومة رفع سعر توريد القمح المحلي لتشجيع المزارعين على زراعة القمح.
وكانت الخضروات والزراعات قصيرة الاجل المربحة، قد دفعت الفلاح المصرى في كثير من المناطق الى هجر زراعة القمح ، في محاولة منه لكسب المال اللازم لنفقات الاسرة
ويبدو ان سلوك بعض المواطنين المصريين يسهم فى تعميق المشكلة.
فهناك من يشكو من ان اصحاب المخابز هم من يبيعون الدقيق المخصص للخبز البلدى الى اصحاب مخابز الخبز غير المدعم عالي الجودة.
كذلك، هناك شكاوى من بيع الدقيق سرا الى من يقومون بتربية الحيوانات للتسمين، لان الدقيق في هذه الحالة ارخص من أي علف اخر.
مظهر اخر من مظاهر اهمال رغيف الخبز هو عرضه مكشوفا على الارصفة فى الشوارع والميادين.
وصرح مسؤولون بوزارة الصحة ان حالة رغيف الخبز المدعم وما قد يحتويه من شوائب في بعض الاحيان، وكذا بيعه على الارصفة تسهم فى اصابة المصريين بامراض مختلفة خاصة في الكبد.
وتحاول وزارة التضامن الاجتماعي واجهزتها الرقابية القضاء على هذه الظواهر بعمل التفتيشات المفاجئة وضبط المتورطين ومعاقبتهم وان يشكو البعض من وجود فساد فى هذا المجال ايضا
فى الثقافة المصرية، عندما يغدر بك صديق او قريب او جار كان قد اكل معك يوما ما يصفونه بأنه " خائن للعيش والملح " في اشارة الى القيمة المعنوية العالية لهذا الطعام .
ويبدو أنه مع ارتفاع اسعار الملح هي الاخرى، اضطر موظف باحدى شركات الامن الخاصة لتعديل عناصر افطاره اليومي من العيش والملح الى العيش والبصل.
وبسؤاله "لماذا؟"
رد قائلا " أنا أحمد الله لاني أجد العيش والبصل، فهناك من بات لا يجد أيا منهما هذه الايام".
عبد البصير حسن
بي بي سي - القاهرة